×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: والإِيْمانُ بأَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حين كلَّم أَهْلَ القَلِيْبِ يومَ بَدْرٍ أَيْ: المُشْرِكين كانوا يسمعون كلامَه.

**********

الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم له معجزاتٌ، والمعجزةُ: هي الأَمْرُ الخارقُ للعادة، وليس للإِنْسان فيها عملٌ؛ إِنَّما هي من خَلْقِ الله جل وعلا، ﴿وَقَالُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَٰتٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡأٓيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ [العنكبوت: 50]، يقترحون على الرَّسُول أَنَّه يأتي بآياتٍ من عنده تدلُّ على رسالتِه كما يقولون، والآياتُ عند الله، الرَّسُولُ ما يأتي بآيةٍ إِلاَّ من اللهِ جل وعلا: ﴿قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡأٓيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِِ فهو الذي يُظْهِرُ المعجزاتِ سبحانه وتعالى، ويُجْرِيها على أَيْدي رُسُلِه لتصديقِهم. ومن ذلك: الميِّتُ لو تُكلِّمه لا يسمعك ولا يدري ماذا تقول، لكنَّ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم كلَّم قَتْلى بَدْرٍ من قُرَيْشٍ الذين آذوه وآذوا المسلمين في مَكَّةَ، وتكبَّروا على الإِيْمان وعصوا، وتجبَّروا على الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وأَخْرَجُوهُ، وأَخْرَجُوا أَصْحابَه وآذَوْهُمْ، أَمْكنَ اللهُ منهم في بَدْرٍ فقُتِلُوا، وقُتِلَتْ صناديدُهم وأَكابرُهم شَيْبَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، وعُتْبَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، وأَبُو جَهْلِ بنِ هِشَامٍ، وعددٌ كبيرٌ من أَكابِرَ قُرَيشٍ قُتِلُوا في بَدْرٍ، ثم أَمَرَ بِهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فأُلْقَوا في قَلِيْبٍ من آبارِ بَدْرٍ، ووَقَفَ عليهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وخاطبهم: يا فُلانُ بنُ فُلانٍ، يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، يَا عُتْبَةَ، يَا شَيْبَةَ، يَا أُمَيَّةَ، خَاطَبَهُمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا، قَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تُكَلِّمُهُمْ، وَقَدْ جَيَّفُوا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ؟ قَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ لَكِنَّهُمْ لاَ يَنْطِقُونَ أَوْْ لاَ يَتَكَلَّمُونَ» ([1]) هذه معجزةٌ من معجزاتِ الرَّسول صلى الله عليه وسلم أَجْرَاها اللهُ على يَدِهِ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3757)، ومسلم رقم (2874).