قال
البَرْبَهَارِيّ رحمه الله: الحمدُ للهِ الذِي هدانَا للإسلامِ، ومَنَّ علينا به، وأخرجَنا
في خَيْر أمَّةٍ، فنَسأله التوفيقَ لما يُحِبُّ ويرضَى، والحِفْظ مما يَكْرَهُ ويَسْخَط.
**********
هذه خُطبة الكِتاب، فبدأَ بـ«الحَمد
للهِ»، عملاً بالسُّنة، كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَحْمد الله ويُثْنِي
عليه في كِتاباته ومُخاطباته، وهكذا كان السَّلَف الصَّالح وأهلُ العِلم، يَبدؤون
كُتبهم بـ«بسمِ اللهِ الرحمَن الرحِيم»،
اقتداءً بالكِتاب العَزيز، وبـ«الحَمد
للهِ رَبّ العَالَمِين» اقتداءً بفِعل النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإنه كَان
إذا أرادَ أن يَخطب أو يتكلَّم أو يُنَبِّه على شيءٍ؛ يَحمد اللهَ ويُثنِي عليه،
ثم يُبَيِّن ما يريدُ بيانَه عليه الصلاة والسلام، فالمُؤلِّف نَهَجَ هذا
المَنْهَج مُقتديًا بمن سَلَفَ وهو البَدَاءَةُ بـ«الحَمد للهِ».
ومَعنى «الحَمد للهِ» أي:
جَميع المَحَامِد للهِ عز وجل، و«الحَمد»:
هو المَدْح والثَّنَاء على المَمْدوح. فاللهُ جل وعلا يُحمَد لذاتِه ويُحمَد
لأسمائِه وصِفاته، ويُحمَد سُبحانه على أفعالِه، فله جميعُ أنواعِ الحَمْد، لأن
جميعَ النِّعَم منه سُبحانه.
وأما غَيره فيُحمَد على قَدْر ما يُسْدِي من الجَمِيل، ولكنَّ الحمدَ
المُطْلَق الكَامل الشامِل هو للهِ عز وجل، فلا يَجوز لك أن تَقُول: «الحمدُ لفلانٍ» بمَعنى الاسْتِغْرَاقِ،
هذا لا يَجوز إلا للهِ، كما في القُرآن: ﴿ٱلۡحَمۡدُ
لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٣﴾ [الفاتحة: 2- 3]، ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضِ﴾ [فاطر: 1].
أما أن تَقُول: «أشكرُ فلانًا»،
أو «أحمدُ فلانًا على كَذا وكَذا»،
بمَعنى تَخْصِيص الشَّيء الذِي مِن أَجْلِه حَمَدْتَه أو شَكَرْتَه عليه فلا بأسَ،
الصفحة 1 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد