وإن كانَ أسودَ اللونِ، أو
ليس له نَسَبٌ عربيٌّ؛ لأن العِبْرَة بمَنْصِبه - وهو الخِلافة والإِمَارة - وليست
العِبرة بشَخْصِه، فيُطاع ما دامَ أنه مُسلِمٌ، ولا يُنظر إلى مَظهره مما لا يُعجب
الناظرَ لدَمَامَته أو لرَثَاثَته، أو لعَيْبٍ في جِسمه، «مُجَدَّعَ الأَْطْرَافِ» ([1]) كُل هذا لا يسوِّغ
الخُروج عليه، حتَّى لو كَان مريضًا، أو عندَه ضَعْفٌ صِحِّيٌّ ما دامَ انعقدتْ
بَيْعتُه فإنه يُصْبَر عليه، ويُسمَع له، ويُطَاع ولو كَان بهذهِ الصِّفات.
قوله: «وليس من السنَّة قِتال
السُّلْطَان» ليس في السنَّة الثابتَة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قتَال
السُّلْطَان، ولا في حَديثٍ واحدٍ لا ضَعِيف لا حَسَن ولا صَحِيح، ليس في السنَّة
حَديثٌ يَدُلّ على قِتال السُّلْطَان المُسلِم، وإن كَان فاسقًا، وإن كَان ظالمًا،
وإن كَان جائرًا، وإن كَان مُستأثِرًا بالأموالِ فلا يَجوز الخُروج عَليه، بل
الأحَاديث كُلها تَدُل على الصبرِ على ذلك، وتَحريم الخروجِ عليه.
ولا يَعني هذا أن السُّلطان لا يُناصَح، بل يُناصَح سِرًّا بينه وبينَ الناصِح، فيجبُ على من عِنده نَصيحة أن يُبلِّغها للسُّلْطَان، كما قالَ صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ([2]) فليس مَعنى ذلك أنه لا يُناصَح وأنه يُترَك، بل لابُدَّ أن يُبيَّن له، ويُنصَح، وهذا من حَقه على العُلماء، وعلى رَعِيَّته، وعلى أهلِ المَشورة، وأهلِ الرَّأي أنهم يُناصِحونه.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1837).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد