قال
المؤلِّف رحمه الله: ويَحِلّ قِتال الخَوَارِج إذا عرضُوا للمُسلمين في أموَالهم وأنفسِهم
وأَهلِيهم، وليسَ له إذا فارقُوهم أن يطلبَهم، ولا يُجْهِز على جَرِيحهم، ولا يَأخُذ
فَيْئَهم، ولا يَقتل أسيرَهم، ولا يَتبع مُدْبِرهم.
**********
«وليسَ من السنَّة قِتال
السُّلْطان»: يَعني ليس فيها دَلِيل، لا صَحِيح، ولا ضَعِيف على مَشْرُوعِيَّة قِتال
السُّلْطَان المُسْلِم، بل فيها وفي القُرآنِ الأَمر بطاعَتِه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ
مِنكُمۡۖ﴾ [النساء: 59] انظُر إلى قوله: ﴿مِنكُمۡۖ﴾ يَعني ما دامَ
مسلمًا فإنه تَجِب طاعتُه.
قوله: «فإنَّ فيه فسادَ الدنيَا والدينِ»
في قِتال السلطانِ فسَاد الدنيَا بأن يضيعَ المُلك، وتَشيع الفَوضى، ويتسلَّط
الأعداءُ، وضَياع الدينِ، فإنه لا أحدَ يقيمُ الحدودَ، ولا أحدَ ينفِّذ القِصَاص،
ولا أحدَ ينفِّذ الأحكَام الشرعيّة ويرُد الحُقوق إلى مُستحِقِّيها، وينفِّذ
الأحكَام القَضَائية، وحينئذٍ يفسدُ الدِّين بهذا، فتكونُ فوضَى وفسادًا، لا
تُقطَع يدُ السارقِ إذًا تضيعُ الأموَال، لا يُقطع قطَّاع الطُّرُق إذًا تُعطَّل
السُّبُل، من الذِي يقومُ بهذا؟ هو وَلِيُّ الأمرِ، هذا من صَلاحِيَّات وَلِيّ
الأمرِ، ولا أحدَ يستطيعُ لو اجتمعَ الناسُ كُلّهم ما استطاعُوا القِيام بهذه
الأمُور، بل تلزمُ الفَوْضَى.
عَرَفْنا أن الخَوَارِج هم الذين يَرَوْن شقَّ عصَا الطَّاعة، ويَرَوْن أن
وَلِيّ الأمرِ ليس له بيعةٌ أو لم يبقَ له بيعةٌ على الناسِ إذا حَصَلَ منه
معصيةٌ، ويُكَفِّرون المُسلمين بكبائرِ الذُّنُوب، هؤلاء إذا اعتنقُوا هذا
المَذْهَب ولم يَكُن لهم شَوْكَةٌ ولم يُقاتلوا فإنهم يُتْرَكون مع مُناصَحتهم
والبَيان لهم لعلَّهم يتوبونَ.
الصفحة 3 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد