فمن زعمَ أنهم قصَّروا وتَركوا شيئًا لم يبلِّغوه فإنه كذابٌ مُفترٍ، ضالٌّ
مُضِلٌّ، يشكِّك الناسَ في دينِ الله، وفي حَمَلَته من صَحابة رَسُول الله صلى
الله عليه وسلم، وهو يُخَوِّن الصحَابة، كما هي طَريقة أَهل البِدع، يُخَوِّنون
الصحَابة ويتَّهمونهم، من أَجل أن يُسقطوا الوَاسِطة بيننا وبين رسولِ اللهِ صلى
الله عليه وسلم، فيَجِب الحَذَر من هؤلاءِ، وأن نعلمَ قَدْرَ الصحَابة ومَكَانتهم
رضي الله عنهم.
من أينَ جاءَنا هذا القُرآن، وهذه الأحَاديث، وهذا الفِقه؟ إلا مِن
حَمْلِهم وتحمُّلهم عن الرسُول صلى الله عليه وسلم، هم الّذين حَملُوه لنا، ورَووه
لنا كاملاً، كُل على قدرِ ما وهبَه اللهُ، وكُل على قَدْرِ طاقتِه، وما تَركوا
شيئًا من دِين الله إلا بلَّغوه كما تحمَّلوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وهم مَوضع الثقةِ، لأن اللهَ اختارَهم لصُحْبة نبيِّه، والحَمْل عنه، والرِّواية
عنه، اختارَهم اللهُ لذلكَ، فيأتي من يتَّهمهم بالتَّقصير! أو يتَّهمهم بالنَّقْص!
لا يقولُ هذا إلا ضَالٌّ مُضِلٌّ، يُرِيد أن يقطعَ صِلة الأمَّة بصَحَابة
رَسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالتَّالي يَقطع صِلتهم برَسول اللهِ صلى الله
عليه وسلم، نحن ما حَضَرنا مَجالس الرَّسول صلى الله عليه وسلم ولا سَمِعناها،
وبينَنا وبينَه قُرون، فالصَّحابة الأَكْرَمون رضي الله عنهم هم الَّذين بلَّغونا
عن الرَّسول صلى الله عليه وسلم، فمَقام الصحَابة في الدينِ مَقامٌ عَظيم، ولا
يُتهمون أنهم أخفَوْا شيئًا، أو كَتموا شيئًا ولم يبيِّنوه.
قوله: «فهو مبتدِع ضالٌّ مُضِل، مُحدث
في الإسلامِ ما لَيس منه» هذا هو قَصده، أن يُحْدِث في الإسلامِ ما ليس منه،
ولا يتمكَّن من ذلك إلا إذا طَعن في الصحابةِ وخَوَّنهم وكذَّبهم، حينئذٍ هو
يَبتكر من عِنده أشياءَ، ويقول: هذا هو الدينُ الذي يَجِب أن نسيرَ عليه.
الصفحة 2 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد