لأن الفِرَق الضالَّة
يكفِّر بعضُها بعضًا، ويضلِّل بعضُها بعضًا، ﴿مِنَ ٱلَّذِينَ
فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ
فَرِحُونَ﴾ [الروم: 32]، كل واحدٍ يَعتبر أنَّ ما هو عَليه هو
الصَّحيح.
أما أهلُ السنَّة والجَماعة الذين سلَّموا الأَمْر وانقادُوا فإنَّهم لم
يَحْصُل بينَهم خِلافٌ وللهِ الحمدُ، ولا يكفِّر بعضُهم بعضًا، ولا يضلِّل بعضُهم
بعضًا، بل يُثْنِي بعضُهم على بعضٍ، ويَقْتَدِي بعضُهم ببعضٍ، لأنَّهم على طريقٍ
صحيحٍ، إنما تَحْصُل الإِحَنُ والأحقادُ والتكفيرُ والتضليلُ بسببِ مُخالفة الحَق،
والأَخْذ بالآراءِ والأفكارِ.
لا شكَّ أن كُل واحدٍ يُريد أن يَنتصر لرأيِه، ولا يَقْبل أن تقولَ له: أنت
مُخطِئ، مَعنى هذا أنّك تَتَّهم عَقله بالنَّقْص، وهو لا يَرْضى بهذا، لكن إذا
قُلتَ لصاحبِ الحَق إذا أخطأَ: أنتَ أخطأتَ الدَّليل، أخطأتَ السنَّة، فإنه يَقبل؛
لأَن قَصده الحَق، ولَيْس قَصْده الانتصَار لرَأيه.
فإذا قلتَ: يا فلانُ، أنتَ أخطأتَ السنَّة، وأخطأتَ الدليلَ، فإنه يَقْبَل ويتراجَع،
أما إذا قُلتَ لصاحِب الهَوَى: أنت أخطأتَ؛ فإنه يَغْضب ويَشْتدُّ، وهذه عَلامة
أهلِ الأهواءِ، أن كُل واحدٍ يُريد أن ينتصرَ لهَوَاه، أما صَاحِب الحَق فهو يُريد
أن يَنْتصر للحَق، وهو يَبحث عن الحَق، والحِكمة ضَالّة المُؤمن أَينما وَجَدها
أَخَذها.
الصفحة 2 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد