×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

المرتبةُ الثَّالثةُ: الإِيْمانُ بأَنَّ اللهَ أَراد وشاءَ هذه الحوادثَ: الكفرَ، والإِيْمانَ، والطَّاعةَ والمعصيةَ، والبِرَّ والفجورَ، والخيرَ والشَّرَّ، كلُّ ذلك شاءَه اللهُ وأَراده بإِرادتِه الكونيَّةِ، فلا يقع في مُلْكِه ما لا يريد، لكنْ أَراد الخيرَ، وأَراد الإِيْمانَ، وأَراد الشَّرَّ لحِكْمةٍ، وللاِبْتلاءِ وللامتحان؛ فاللهُ أَراد الخيرَ وهو يُحبُّه ويرضاه، وأَراد الشَّرَّ وهو لا يُحِبُّه ولا يرضاه؛ لكنْ أَراده لحِكْمةٍ وابتلاءٍ وامتحانٍ، لو لم يكنْ إِلاَّ خيرٌ لَمَا صار لأَحدٍ مِيْزةٌ، ولا صار هناك ابْتلاءٌ وامتحانٌ، صار النَّاسُ كلُّهم أَخْيارًا، ولو لم يكن إِلاَّ شرٌّ ما صار لأَحدٍ مِيْزةٌ بالعملِ الصَّالحِ، فهذا يعطي أَنَّ الله يبتلي عبادَه ليتبيَّن الطَّيِّبَ من الخبيثِ، والمؤمنَ من الكافرِ، وهو ابتلاءٌ وامتحانٌ يُجْرِيه عليهم سبحانه وتعالى، لم يخلق هذه الأَشْياءَ عَبَثًا.

المرتبةُ الرَّابعةُ: الخلقُ والإِيْجادُ. وكلُّ شيءٍ يحدث فاللهُ خالقُه، وأَفْعالُ العبادِ مخلوقةٌ لله وهي فعلُ العبد، هي مخلوقةٌ للهِ جل وعلا، اللهُ جل وعلا يقول: ﴿ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٞ [الزمر: 62]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿أَوَ لَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّٰقُ ٱلۡعَلِيمُ [يس: 81]، ﴿وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ [الصافات: 96]، فهي خلقُ اللهِ جل وعلا، وهي فعلُ العباد وكسبُ العبادِ باختيارِهم وإِرادتِهم.

فيؤمن المؤمنُ بهذه المراتبِ الأَرْبعِ: العلمُ، الكتابةُ، المشيئَةُ والإِرادةُ، الخلقُ والإِيْجادُ.


الشرح