×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

ويعرف الميِّتُ الزَّائِرَ إِذا زاره، ويتنعَّم المؤمنُ في القبر، ويُعذَّبُ الفاجرُ كيف شاءَ اللهُ.

**********

 قوله: «ويعرف الميِّتُ الزَّائِرَ إِذا زاره» ولذلك تُشْرَعُ زيارةُ القبور لأَنَّ الميِّتَ يَأْنُسُ بزائِرِه، وهذا من أُمور البَرْزخ، نحن لا نقول في أُمور الآخرة وأُمور البَرْزخ إِلاَّ ما ثبت به الدَّليلُ؛ لأَنَّه مِن عِلْمِ الغيب الذي لا يعلمه إِلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى. ولا يُؤْخَذُ من هذا الميِّتِ يُطْلَبُ منه شيءٌ، فيقال: ما دام أَنَّه يعلم من يأتي إِليه لماذا لا نطلب منه حوائِجَنا؟ نقول: هذا لم يَشْرَعْهُ اللهُ سبحانه وتعالى، الميِّتُ لا يُطْلَبُ منه شيءٌ، ما كان الصَّحابةُ يطلبون مِن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم شيئًا؛ مع أَنَّه حيٌّ في قبره صلى الله عليه وسلم حياةً بَرْزَخِيَّةً ليست هي حياةٌ دُنْيَوِيَّةٌ.

قوله: «ويتنعَّم المؤمنُ في القبر، ويُعذَّبُ الفاجرُ كيف شاءَ الله» من أُصول الإِيْمان: الإِيْمانُ بعذاب القبر أَوْ نعيمِه، خلافًا للمعتزلة الذين يُنكِرون هذا، يقولون: الميِّتُ في قبره مثلُ ما وضعناه ليس عنده عذابٌ ولا نعيمٌ. يعتمدون على عقولهم وأَبْصارِهم وتفكيرِهم، ولا يؤمنون بالغيب، ولا تُقاس الدُّنْيا بالآخرة، أَوِ الآخرةُ بالدُّنْيا، فعليكَ أَنْ تؤمنَ بالغيب.

وعذابُ القبر ونعيمُ القبر ثابتٌ، بل متواترٌ في الأَحاديث، أَنَّ الميِّتَ إِمَّا أَنْ يُعذَّبَ في قبره، وإِمَّا أَن يُنْعَمَ، فمَن يُنكر عذابَ القبر وهو يعلم بالنُّصوص ويعلم بالأَدِلَّةِ فهو كافرٌ، أَمَّا إِذا أَنْكَرَهُ من بابِ التَّأويل، أَوِ التَّقْليدِ أَوِ الجهلِ فهذا يُبَيَّنُ له الحقُّ، فإِنْ أَصرَّ بعد البيان حُكِمَ بكُفْرِه.


الشرح