×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

 بلْ قال: لا تلهيهم تجارتُهم عن ذِكْرِ الله، بلْ يحضرون إِلى المساجد ويُصلُّون مع الجماعة ثم ينصرفون إِلى بيعِهم وشِرَائِهم. والبيعُ والشِّراءُ من أَطْيبِ المكاسب إِذا سَلِمَا من الغِشِّ ومن الخديعةِ، سَلِمَا من بيعِ الموادِ المحرَّمةِ، والتَّعاملِ الحرام والرِّبا، فإِذا سلِم البيعُ والشِّراءُ من المفسدات فإِنَّهما من أَطْيبِ المكاسب.

«إِذا بِيعَ في أَسْواق المسلمين» ما يُجْلَبُ في أَسْواق المسلمين فلا تَسْأَلْ عنه، لأَنَّ الأَصْلَ الإِباحةُ إِلاَّ إِذا علمتَ أَنَّه مُحَرَّمٌ. «على حُكْمِ الكتاب والسُّنَّةِ» بأَنْ تتوفَّرَ شروطُ البيعِ المعروفةُ، وإِذا توفَّرتْ شروطُ البيع السَّبْعةُ المعروفةُ فالبيعُ صحيحٌ، وما يُباع فإِنَّه حلالٌ، والأَصْلُ أَنَّ أَسْواقَ المسلمين قائِمةٌ على ذلك.

قوله: «من غيرِ أَنْ يدخلَه تغريرٌ أَوْ ظلمٌ أَوْ غدرٌ» أَمَّا إِذا دخل في البيع تَغْريرٌ وجهالةُ ومخاطرةُ فإِنَّه حرامٌ لأَنَّه يصبح من القِمار. أَوْ من الخِداع بأَنْ يُظْهِرَ شيئًا غيرَ حقيقيٍّ، يُظْهِرُ السِّلْعةَ بمَظْهَرٍ غيرِ حقيقيٍّ وهذا ما يُسمَّى بالتَّدْليس وهو: إِظْهارُ السِّلَعِ بمَظْهَرٍ يُعْجِبُ النَّاظرَ إِليها وهي في الباطن بخلافِه.

«أَوْ ظُلْمٌ» بأَنْ يُباعَ قهرًا على صاحبه، بأَنْ يُجْبَرَ على البيع، إِنَّما البيعُ عن تراضٍ، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» ([1])، قال اللهُ تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡۚ [النساء: 29]؛ فيُشْتَرَطُ لصِحَّةِ البيعِ رِضى البائِعِ،


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجة رقم (2185)، وابن حبان رقم (4967).