على قول واحد.
****
ولهُ مُؤَلَّفاتٌ في مَذْهَبِ أحمَدَ، مَعروفةٌ
ومُتَدرِّجَةٌ لطَلَبَةِ العِلمِ، أوَّلُها: «عُمْدَةُ الفِقْهِ» على قوْلٍ
واحِدٍ.
ثم بعْدَهُ: «المُقْنِعِ»،
وهُوَ أوْسعُ من «العُمْدَةِ»، يَذْكُرُ رِوايَتَيْنِ عنْ أحمَدَ، وثلاثَ رواياتٍ،
وأكْثَرَ؛ لأنَّ مَن دَرَسَ«العُمدَةَ» استَحَقَّ أن يتَرَقَّى إلى «المُقْنِع»،
فيَتَزَوَّدُ ويَتَوَسَّعُ شَيئًا فشَيئًا.
ثمَّ بعْدَ: «المُقْنِع»
ألّفَ كتابَ «الكافي» يَذْكُرُ فيهِ الأقوالَ بأدِلَّتِها منَ الكِتابِ
والسُّنَّةِ لأجلِ أن يتَدَرَّجَ طالِبُ العلْمِ إلى معرفَةِ القَوْلِ بدَليلِه.
ثمَّ بعْدَ «الكَافِي»
كتاب «المُغْني»، وهو كِتابٌ حافِلٌ بذِكْرِ أقوالِ العُلماءِ منَ الأئِمَّةِ
الأربعَةِ وغيرِهم من أئِمَّةِ التَّابعينَ حتَّى إذا وَصَلَ طالِبُ العِلْمِ إلى
هذهِ المَرْحلَةِ استَحَقَّ أن يُسَمَّى فَقيهًا أمَّا قبْلَ ذلكَ فهُوَ طالِبُ
عِلْمٍ.
«على قول واحد» هذا شأن المختصرات
لا تذكر فيها أقوال متعدّدة؛ لأنّ ذلك المبتدئ يغذّى بالطّعام شيئًا فشيئًا.
فمِنَ الحِكْمَةِ
والطَّريقَةِ الحَكيمَةِ التَّدَرُّجُ بالطَّالِبِ شَيئًا فشَيئًا في مَسائِلِ
العِلْمِ، ولذلِكَ اهتَمَّ العُلماءُ في وَضْعِ المُختصراتِ في كلِّ فنٍّ لتَكونَ
مُدْخَلاً للعُلومِ، وهذهِ طَريقَةُ الرَّبَّانيِّينَ، كمَا قالَ تعَالى: ﴿وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّٰنِيِّۧنَ
بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ﴾ [آل عمران: 79].
قال بعْضُ السَّلَفِ: الرَّبَّانيُّونَ هُمُ الَّذينَ يُعَلِّمونَ صِغارَ العِلْمِ قَبْلَ كِبارِهِ.
الصفحة 2 / 380