المقدمة
الحمدُ للهِ رَبِّ
العَالمِينَ، وصلَّى اللهُ وسلّمَ على نبيِّنَا محمّدٍ وعلى آلِهِ وصَحْبِه، أمَّا
بعْدُ؛
فإنَّ الفقْهَ في
دِينِ اللهِ مِنْ آكَدِ الواجِباتِ وأهمِّ المُهِمَّاتِ؛ لأنّه لا يمْكِنُ
للإنسانِ أن يُؤَدِّيَ ما أوْجَبَ اللهُ عليهِ، ويَتْرُكَ ما حرَّمَ اللهُ عليهِ،
ويَتَقرَّبَ إلى اللهِ إلاَّ عن عِلْمٍ وبَصيرَةٍ.
فالعَمَلُ بدونِ
عِلْمٍ يكونُ ضلالاً وَوبالاً على صاحِبِه؛ فلا بُدَّ أن يكونَ العَمَلُ
مَبْنِيًّا على علْمٍ صحيحٍ، وفقْهٍ في دِينِ اللهِ عز وجل.
ولهذا يقولُ جل وعلا:
﴿وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ
قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة: 122].
ويقول صلى الله عليه
وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ([1]).
فدلَّ على أنَّ
التّفَقُّهَ في دِينِ اللهِ أمْرٌ مطْلوبٌ وواجِبٌ.
واللهُ جل وعلا،
حثَّ على ذَلكَ، فقال: ﴿فَلَوۡلَا
نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ﴾.
﴿فَلَوۡلَا﴾ معناه: الحثُّ، ﴿نَفَرَ
مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ﴾: من كلِّ جَماعَةٍ؛
لأنَّ النَّاسَ كلَّهُم ما يَتَمَكَّنُونَ منَ التَّفَرُّغِ للتَّفَقُّهِ، ولكنْ
يتفقَّهُ منهُم أفْرادٌ.
لأنَّ ﴿طَآئِفَةٞ﴾ لفْظٌ يشْمَلُ
القليلَ والكَثيرَ؛ فالواحِدُ يُسَمَّى طائفِةً، والاثْنانِ والثَّلاثةُ وأكْثرُ
يُسَمَّى طائِفَةً، فالطَّائِفَةُ تقِلُّ وتكْثُرُ.
﴿نَفَرَ﴾ يعْني: اتَّجَهَ إلى التَّفَقُّهِ في دِينِ اللهِ في أيِّ مكانٍ يَجِدُهُ، فطلَبَةُ العِلْمِ يَذْهبونَ إلى العِلْمِ بَعيدًا كانَ أو قَريبًا.
الصفحة 1 / 380