ومن تعبّد. أمّا بعد:
****
قالَ تَعالى: ﴿وَمَن يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ
عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي
ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا
خَٰلِدُونَ﴾ [البقرة: 217].
فالرّدّةُ تُبْطِلُ
الأعمالَ - ومنْها الصُّحْبةُ - إذا ماتَ الإنسانُ علَيها ولمْ يَتُبْ إلى اللهِ
سبحانه وتعالى.
«ومَن تَعَبَّدَ»: أي مَن تَعَبَّدَ
للهِ سبحانه وتعالى وتَقَرَّبَ إليهِ مِن جميعِ المُسلمينَ.
والعِبادَةُ: اسْمٌ جامِعٌ لِمَا
يُحِبُّهُ اللهُ ويَرضاهُ منَ الأقْوالِ والأعْمالِ الظَّاهِرَةِ والباطِنَةِ.
ولا تَصِحُّ
العِبادَةُ إلاَّ بِشَرْطَيْنِ:
الشَّرطُ الأوَّلُ: الإخْلاصُ للهِ منْ
جميعِ أنواعِ الشِّرْكِ.
الشّرط الثَّاني: المُتابَعَةُ
للرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، بِتَجَنُّبِ جميعِ البِدَعِ والخُرافاتِ.
ولما صلَّى
المُؤلِّفُ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وصلَّى على آلِهِ وأصحابِه، صلَّى
على كلِّ مَن اتَّبَعَهُ إلى أن تقُومَ السَّاعَةُ.
«أمَّا بعْدُ»، هذهِ الكَلِمَةُ يُؤْتَى بها للانتِقالِ مِن أُسْلوبٍ إلى آخَرَ، فلمَّا فَرَغَ منَ الخُطْبةِ انتَقَلَ إلى بيانِ الغَرضِ الّذي هو بِصَددِهِ، وكانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يأتي بها في خُطَبِهِ فيقولُ: «أَمَّا بَعْدُ، أيُّهَا النَّاسُ» ([1]).
الصفحة 1 / 380