بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ
يُشْرَعُ
لِزِيادَةٍ وَنَقْصٍ وَشَكٍّ، لاَ فِي عَمْدٍ، فِي الفَرْضِ والنَّافِلَةِ.
****
قَولُهُ رحمه الله: «بابُ سُجُودِ
السَّهْوِ» أي: السُّجُودُ الَّذِي يكُونُ سَبَبُهُ السَّهْوَ، فهُوَ مِنْ
إِضَافَةِ الشَّيْءِ إلى سَبَبِهِ.
«يُشْرَعُ
لِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ وَشَكٍّ»، وَ«السَّهْوُ»: مَعْناهُ النِّسْيانُ والذُّهُولُ، والمُرادُ
بِالسَّهْوِ فِي الصَّلاَةِ: إِذَا نَسِيَ الإِنْسَانُ، وَهُوَ يُصَلِّي،
فَزادَ، أوْ نَقَصَ، أَوْ شَكَّ، فَهَذَا يُسَبِّبُ مَشْرُوعِيَّةَ سُجُودِ
السَّهْوِ.
وَأَمَّا السَّهْوُ
عَنِ الصَّلاَةِ؛ فَهَذَا قدْ توَعَّدَ اللهَ علَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ ٤ ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 4- 5]،
وَالسَّهْوُ عَنِ الصَّلاَةِ: هُو تَضْيِيعُهَا، كمَا قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ
أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ﴾ [مريم: 59]،
وإِضَاعَةُ الصَّلاَةِ: مَعْنَاهُ أنَّ الإِنْسَانَ يُصَلِّي، ولكِنَّهُ لاَ
يُصَلِّي عَلَى الصِّفَةِ المَطلُوبَةِ، كأَنْ يُؤَخِّرَها عَنْ وقْتِهَا، أو
يَتْرُكَ صَلاَةَ الجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ لاَ يَطْمَئِنَّ فِي
صَلاَتِهِ.
فَهُوَ يُصَلِّي؛
وَلِهَذَا قالَ جل وعلا:﴿فَوَيۡلٞ
لِّلۡمُصَلِّينَ﴾ [الماعون: 4]، فَسَمَّاهُمْ مُصَلِّينَ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا
عَلَى الوَجْهِ المَطْلُوبِ، بَلْ يُصَلُّونَ عَلَى حسَبِ أهْوائِهِمْ، فَهؤلاءِ
توَعَّدَهُمُ اللهُ بالوَيْلِ؛ لأَِنَّهم تَساهَلُوا فِي الصَّلاَةِ، وتهاوَنُوا
بِها، وَتَلاعَبُوا بِها، فاستَحَقُّوا هَذَا الوعيدَ.
وَأَمَّا السَّهْوُ فِي الصَّلاَةِ؛ فإنَّهُ لاَ يَكُونُ مِنْ عَمَل الإِنْسَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَطْرَأُ علَيْهِ بِغَيْرِ اختِيارِهِ، وقَدْ حصَلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ سَهَا فِي الصَّلاَةِ
الصفحة 1 / 380