×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

 بالنِّفاق، وهذا دليلٌ على أنَّهم تركوا أمرًا واجبًا؛ إذ لو تركوا أَمْرًا مُسْتَحبًّا لما وُصِفُوا بالنِّفاق.

ثم قال: «وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يَؤُمُّ النَّاسَ. ثُمَّ أَذْهَبُ بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى رِجَالٍ لاَ يَشْهَدُونَ الصَّلاَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» ([1]).

فهذه عقوبةٌ همَّ بها النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، وهي التَّحريقُ بالنار، والعقوبةُ لا تكونُ إلاَّ على ترْكِ شيء واجب، ولو كانت صلاةُ الجماعةِ غيرَ واجبةٍ ما استحقوا العقوبة، وما وصفوا بالنِّفَاق.

والحكمةُ ظاهرةٌ في وجوبِ صلاةِ الجماعة:

أولاً: إنَّ الصلاةَ في جماعةٍ تطرد الشَّيطان، فالشيطانُ يُوسوس للمنفردِ ويشغله عن صلاتِه، خِلاف ما إذا صلَّى مع الجَمَاعة، فإن الشَّيطانَ يَنْخنس ويبتعِدُ عنه، ولهذا أمر صلى الله عليه وسلم بالصلاةِ مع الجماعةِ وعدمِ التخلف عنها، وقال: «إِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةِ»، «وَإِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الإِْنْسَانِ» ([2]).

فأعظمُ فوائدِ صلاةِ الجماعةِ أنَّها تُبعِد الشيطانَ عن المُصلِّي، وهذا شيءٌ مُجَرَّب؛ فإنَّ الإنسانَ إذا صلَّى مع الجماعةِ تقلّ هواجِسُه، وتقلُّ شواغِلُه، خِلاف ما إذا صلَّى مُنْفَرِدًا؛ فإنَّ الشيطانَ يَتسلَّطُ عليه، ولذلك يَكثُرُ السَّهوُ في صَلاةِ المُنْفرِد.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (644).

([2])أخرجه: أحمد رقم (22029)، والطبراني في «الكبير» رقم (344).