بابُ صلاةِ الجَمَاعة
****
قال رحمه الله: «بابُ صلاةِ الجَمَاعة»
لأنَّ صلاةَ الفريضةِ لا بُدَّ أن تكونَ في جماعةٍ مع الإمكان، فمعنى قوله: «صلاةُ
الجماعة» أي: بيانُ حُكْمِ الصلاةِ مع الجماعة، وحُكْم الإمامة، وصِفاتِ الإمام،
وحكمِ متابعةِ المأمومِ للإمام، كلُّ هذا سيأتي في هذا الباب.
وأجمعَ المسلمون
سَلفًا وخَلفًا على مشروعيةِ صلاةِ الجماعةِ في الفريضة ([1])، لكن منهم من يرى
أنَّها سُنَّة، ومنهم من يرى أنَّها واجبة ([2])، ومنهم من يرى أنها
شرطٌ لصحةِ الصَّلاة.
فهم لم يختلفوا في
مشروعيةِ صلاةِ الجماعة، وإنَّما اختلفوا: هل هي سُنَّة، أو وَاجبة، أو شَرْط؟
ولكن؛ الصحيح أنَّها
واجبةٌ بدِلالةِ الكِتابِ والسُّنة.
أمَّا الكِتاب، ففي
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا
كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلۡتَقُمۡ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُم
مَّعَكَ وَلۡيَأۡخُذُوٓاْ أَسۡلِحَتَهُمۡۖ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلۡيَكُونُواْ مِن
وَرَآئِكُمۡ وَلۡتَأۡتِ طَآئِفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ يُصَلُّواْ فَلۡيُصَلُّواْ
مَعَكَ وَلۡيَأۡخُذُواْ حِذۡرَهُمۡ وَأَسۡلِحَتَهُمۡۗ﴾ [النساء: 102]،
فأوجَبَ اللهُ صلاةَ الجماعةِ في حالةِ الخوف، فلأنْ تجِب في حالةِ الأمنِ من بابِ
أولى.
ولو كانت صلاةُ الجماعةِ سُنَّةً فقط لما أمَرَ بها في هذه الحالة، حالة الخوف، بل أمَر بها مرَّتين في هذه الآية، في قوله تعالى:
الصفحة 1 / 380