بابُ صلاةِ التَّطوُّعِ
****
«بابُ صَلاةِ التَّطوُّع» لمَا فرغَ مِن
أحكامِ صلاةِ الفَرِيضةِ ناسَبَ أنْ يذْكُرَ أحْكامَ صَلاةِ التَّطوُّعِ.
و«التَّطوُّعُ»
فِي اللغةِ: فِعْلُ الطَّاعَةِ، يُقالُ: «تَطوَّعَ»: إِذَا فَعلَ
الطَّاعَةَ، هَذَا مِن حَيْثُ اللُّغَة ([1]).
وأمَا فِي الشَّرعِ، فـَ«التَّطوُّعُ»
فِعْلُ عِبادَةٍ غَيْرِ واجبةٍ ([2]).
وكلُّ عبادةٍ واجِبَة؛
فإنَّها يُستحَبُّ لها تَطَوُّع مِن جِنْسِها؛ فالصَّلاَةُ لها نافِلَةٌ مِن
جِنْسِها، وكذا الزَّكاةُ والصِّيامُ والحَجُّ والعُمْرَة، فَكُلُّ عِبادةٍ واجبة
فإنَّهُ يُستحَبُّ فِعل عبادَةٍ مِن جِنْسِها تكون تطوُّعًا.
والحِكْمَةُ فِي
ذَلِكَ: التَّزَوُّدُ مِنَ الخَيْرِ.
وأيضًا؛ الفرضُ
يُجْبَرُ بالنَّفل إِذَا حصلَ فِيه نَقْصٌ عِنْدَ الحِساب يَوْمَ القِيامَةِ ([3])، لذلكَ يُستحَبُّ
له أنْ يتطوَّعَ بالنَّوافِلِ؛ لأجْلِ أَنْ تُكَمَّلَ مِنها الفرائِضُ يوْمَ
القيامةِ، وهذِه فائِدَةٌ عظِيمَةٌ.
فلاَ يقولُ
الإِنْسَانُ: يكفِيني إِذَا أدَّيْتُ الفرائِضَ. نَقُولُ: نَعَمْ، يكفِيكَ إِذَا
أدَّيْتَ الفرائِضَ، لكِنْ هل تجْزِم أنَّكَ أدَّيْتَ الفرائِضَ بالتَّمامِ، مَنْ
يَسْلَمُ مِنَ النَّقْصِ؟! الإِنْسَان عُرْضَةٌ لِلنَّقْصِ، فلاَ ينبَغِي
للِإنسانِ أنْ يتهاوَنَ فِي النَّوافِلِ، بل ينبَغِي أنْ يُكْثِرَ مِنْها؛
لأَِنَّه بحاجةٍ إليها؛ ولأَِنَّها زيادةٌ فِي دَرجاتِهِ.
حتَّى لَوْ قُدِّرَ أنَّهُ أكْمَلَ الفرائِضَ؛ فإنَّهُ بحاجةٍ إلى الزِّيادَةِ فِي الخَيْرِ.
الصفحة 1 / 380