وفِي الحديثِ
القدسيِّ: أنَّ اللهَ جل وعلا يقولُ: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ
أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُه عَلَيْهِ، وَلاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ
إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ
الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ
بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ،
وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» ([1]).
فَالنَّوافِلُ
سَبَبٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ جل وعلا لعبْدِهِ، فاللهُ جل وعلا يُحِبُّ أنْ
يتَقَرَّبَ إليهِ عبْدُهُ بالنَّوافِلِ بعدَ الفرائِضِ.
وقَدِ اختلفَ
العلماءُ؛ مَا هو الأفضلُ مِن عباداتِ التَّطوُّعِ بعدَ الفرائِضِ؟
فالمَذْهَبُ هُنا
أنَّ الأفْضلَ هُوَ الصَّلاَةُ.
وذهبَ جماعةٌ؛ إلى
أنَّ الأفضلَ الجهادُ فِي سبيلِ اللهِ ([2])؛ وذلكَ لِقَولِه
سبحانه وتعالى: ﴿لَّا
يَسۡتَوِي ٱلۡقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ غَيۡرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ
وَٱلۡمُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ فَضَّلَ
ٱللَّهُ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ عَلَى ٱلۡقَٰعِدِينَ
دَرَجَةٗۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ
عَلَى ٱلۡقَٰعِدِينَ أَجۡرًا عَظِيمٗا ٩٥ دَرَجَٰتٖ مِّنۡهُ وَمَغۡفِرَةٗ وَرَحۡمَةٗۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا﴾ [النساء: 95- 96].
وفِي الحَدِيثِ: «رَأْسُ الأَْمْرِ الإِْسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» ([3]).
([1])أخرجه: الترمذي رقم (413)، والنسائي رقم (465)، وابن ماجه رقم (1425).
الصفحة 2 / 380