×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

 عِدَّةَ مَرَّاتٍ، كمَا قالَ صلى الله عليه وسلم لمَّا سَهَا فِي بَعْضِ المَرَّاتِ: «إِنِّي بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ» ([1]).

والحِكْمَةُ فِي تَنْسِيَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلاَةِ، وَوُقُوعِ السَّهْوِ مِنْهُ فِي الصَّلاَةِ، معَ أنَّهُ أكْمَلُ الخَلْقِ خَشْيَةً للهِ عز وجل، الحِكْمَةُ فِي ذلِكَ: مِنْ أجْلِ أَنْ يُشَرِّعَ للنَّاسِ مَاذَا يَفْعَلُونَ إِذَا حَصَلَ مِنْهُمْ سَهْوٌ فِي الصَّلاَةِ، ففِي سَهْوِهِ صلى الله عليه وسلم مَصْلَحَةٌ لِلأُمَّةِ مِن أجلِ أنْ يُشرِّعَ لهم مَاذَا يفْعلُونَ إِذَا حصَلَ لهم السَّهْوُ فِي الصَّلاَةِ.

والحِكْمَةُ فِي سُجودِ السَّهْوِ فِي الصَّلاَةِ - كمَا بيَّنَها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم -: أنّه إن كانتْ صلاتُهُ ناقِصَةً؛ فإنَّ سُجودَ السَّهْوِ يَجْبُرُ الذِي حصَلَ فِيهَا، وإن كانَتْ صلاتُهُ تامَّةً، وحصَلَ منه سَهْوٌ؛ فإنَّهُ ترْغِيمٌ للشَّيْطانِ ([2])؛ لأَِنَّ سبَبَ السَّهْوِ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطانِ.

وقَوْلُه: «لاَ فِي عَمْدٍ» أي: لاَ يُشْرَعُ سُجودُ السَّهْوِ فِي تعَمُّدِ الزِّيادةِ أو تَعَمُّدِ النَّقْصِ؛ لأَِنَّهُ إِذَا تعمَّدَ بطَلَتْ صلاتُهُ، كمَا يأتي.

والسَّهْوُ الذي حصَلَ مِنه صلى الله عليه وسلم أنواعٌ؛ سلَّمَ مِنَ الرَّكعتَيْنِ مِن الرُّباعِيَّةِ، وقامَ، ولمْ يتشَهَّدْ التَّشَهُّدَ الأوَّلَ ([3])، وَصلَّى خَمْسًا، هذِهِ هِيَ الوَقائِعُ الَّتِي حصَلَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم، وفِي كُلِّهَا يُشَرِّعُ لأُِمَّتِهِ مَاذَا يفعَلُونَ.

وقولُهُ: «فِي الفَرْضِ والنَّافِلَةِ» أي: سُجُودُ السَّهْوِ يُشْرَعُ فِي صَلاةِ الفَرِيضَةِ، وَهَذَا هُو الذي حصَلَ مِن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وفِي صَلاةِ النَّافِلَةِ أيْضًا؛


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (392)، ومسلم رقم (572).

([2])فِيما أخرجه: مسلم رقم (571).

([3])أخرجه: الترمذي رقم (365).