×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

﴿لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ يعني: ليَتَفَهَّمُوا؛ لأنَّ الفِقْهَ - لغةً - الفَهْمُ، تقولُ: فَقُهَ الشَّيءَ إذا فَهِمَهُ ([1]).

وأمَّا في الشَّرْعِ فالفِقْهُ هو: مَعْرِفُةُ الأحْكامِ الشَّرْعيَّةِ مِنْ أدِلَّتِها التَّفْصيليَّةِ ([2]). هذا هو الفِقْهُ، مَعرِفَةُ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ من أدِلَّتِها التَّفصيليَّةِ من الكتابِ والسُّنَّةِ والإجْماعِ والقِياسِ الصَّحيحِ.

فالفِقْهُ يُبْنَى على أدِلَّةٍ وعلى مَصادِرَ:

أوَّلُها: كتابُ اللهِ سبحانه وتعالى.

وثانِيها: سُنّةُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم.

وثالثُها: إجْماعُ المُسلِمينَ.

وهذهِ الأُصولُ مُجْمَعٌ علَيها بيْنَ الأُمَّةِ.

وأصْلٌ رابعٌ مُخْتَلَفٌ فيهِ وهو: القِياسُ، إلى أدِلَّةٍ أخْرى وأُصولٍ أخرَى فيهَا خِلافٌ، ولكنْ هذهِ الثَّلاثَةُ: الكتابُ، والسُّنَّةُ، والإجْماعُ لا اخْتِلافَ فيهَا. هذا هو الفِقْهُ لغةً واصْطِلاحًا. فمعنى ﴿لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ: ليَعْرِفوا أحْكامَ اللهِ سبحانه وتعالى مِن مصَادِرِها على أيدِي أهْلِ العِلْمِ وأهْلِ البَصيرةِ. ﴿وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ، مُهِمَّةُ الفَقِيهِ لا تَقْتَصِرُ على نَفْسِه؛ بل أيضًا تمْتدُ إلى غيرِهِ، فالفَقيهُ يجِبُ عليهِ أن يُفَقِّهَ النَّاسَ، وأنْ يُعَلِّمَهُم ويَنشُرَ ما أعطَاهُ اللهُ منْ علْمٍ، ولايَخْتَزِنُه لنَفْسِه فقط.

فدلَّ هذا على أنَّ الإنذَارَ، والدَّعْوةَ إلى اللهِ، والأمْرَ بالمَعروفِ، والنَّهْيَ عنِ المُنكَرِ، لا يكونُ إلاَّ بعْدَ الفِقْهِ في دِينِ اللهِ عز وجل.


الشرح

([1]) انظر: «لسان العرب» (13/ 522)، و«المصباح المنير» (ص: 656).

([2]انظر: «شرح الكوكب المنير» لابن النجار (1/ 41) و«التعريفات» للجرجاني (ص: 216).