×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

وَالمُبَالَغَةُ فِيْهِمَا لِغَيْرِ صَائِمٍ، وَتَخْلِيْلِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيْفَةِ وَالأَْصَابِعِ، وَالتَّيَامُنِ.

****

وإِنْ ترَك المَضْمَضَةَ والاِسْتِنْشاقَ لمْ يصحَّ وُضوءُه؛ لأَنَّه ترَك بعضَ وَجْهِه لمْ يَغْسِلْه؛ وذلك لأَنَّ داخلَ الفَمِ وداخلَ الأَنْفِ في حُكْم الظَّاهر، فهُمَا مِنَ الوَجْه، ولمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ترَك المَضْمَضَةَ والاِسْتِنْشاقَ، بلْ إِنَّه حثَّ عليهما.

«وَالْمُبَالَغَةُ فِيْهِمَا لِغَيْرِ صَائِمٍ» المبالغةُ في المَضْمضة معناها: جَذْبُ الماءِ إلى داخل الفَمِ، وخَضْخَضَتُه فيه ([1])، والاِسْتِنْشاقُ: جذْبُ الماءِ إلى داخل الأَنْف.

وتُسَنُّ المُبالغةُ فيهما، حتَّى يَصِلَ الماءُ إلى أَقْصى الفَمِ وأَقْصى الأَنْف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وَبَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ، إلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» ([2]).

فيُبالِغ في إِيْصال الماءِ إلى أَقْصى أَنْفه وذلك في قُوَّةِ جَذْبِه، إلاَّ أَنْ يكونَ صائِمًا، فإِنَّه لا يُبالِغ في الاِسْتِنْشاق خَشْيَةَ أَنْ يطيرَ الماءُ إلى حَلْقِه.

فيتبيَّن لنا أَنَّه ليس المُرادُ مِنْ جعْلِ المَضْمضةِ والاِسْتِنْشاقِ في باب سُنَنِ الوُضوءِ أَنَّهما سُنَّةٌ، وإِنَّما البَداءَةُ بهما هو السُّنَّةُ، أَمَّا نفْسُ المَضْمضةِ والاِسْتِنْشاقِ فإِنَّهما واجبان لأَنَّهما مِنَ الوَجْه، ففرِّقْ بين هذا وهذا.

«وتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الْكَثِيْفَةِ» ومِنْ سُنَنِ الوُضوءِ: تخليلُ اللِّحْيَة، واللِّحْيَةُ مِنَ الوَجْه، وإِنْ طالتْ، وإِنْ كثفتْ، فهي مِنَ الوَجْه، فالذي يَحْلِقُ


الشرح

([1])انظر: «الدر النقي» (1/ 73).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (142)، والترمذي رقم (788)، والنسائي رقم (87)، وابن ماجه رقم (407).