وَأَخْذُ مَاءٍ
جَدِيْدٍ لِلأُْذُنَيْنِ، وَالْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ.
****
«وَأَخْذُ مَاءٍ
جَدِيْدٍ لِلأُْذُنَيْنِ» أَيْ: يُستحبُّ أَخْذُ ماءٍ جديدٍ للأُذُنيْنِ غيرُ
الماءِ الذي مَسَحَ به رَأْسَه؛ وهذا محلُّ نظرٍ.
والصَّوابُ: أَنَّه يكفي البَلَلُ الباقي بعد مسْح رَأْسِه؛ لأَنَّهما مِنَ
الرَّأْس، ولمْ يُذكَرْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَأْخُذُ ماءً
جديْدًا لأُِذُنَيْهِ، وإِنَّما كان يَمْسَحُهُما ببقيَّة بَلَلِ رَأْسِه،
والحديثُ المحفوظُ: «أَنَّهُ أَخَذَ مَاءً لِمَسْحِ رَأْسِهِ غَيْرَ فَضْلِ
الْيَدَيْنِ» ([1])، هذا هو المحفوظ،
أَيْ غيرَ ما بَقِيَ بعدَ غَسْل اليَدَيْنِ.
وأَمَّا حديثُ: «أَنَّه
أَخَذَ مَاءً لأُِذُنَيْهِ غَيْرَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَهُ لِرَأْسِهِ» ([2])، فهو حديثٌ غيرُ
محفوظٍ، وإِنْ كان هذا الحديثُ مذكورا في «البلوغ» ولكنْ هو غيرُ محفوظٍ.
«وَالْغَسْلَةُ
الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ» كذلك؛ مِنْ سُنن الوُضوءِ: الغَسْلةُ الثَّانيةُ
والثَّالثةُ، فالمَضْمضةُ والاِسْتِنْشاقُ ثلاثًا ثلاثًا، وغَسْلُ الوجْه ثلاثًا،
وغَسْلُ اليدَيْنِ ثلاثًا، وغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ ثلاثًا، وهذا الواردُ عن
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، في جميع أَحَاديث الذين وَصَفُوا وُضوءَه صلى الله
عليه وسلم.
فالتَّثْليثُ
مُستحبٌّ، والواجبُ غَسْلةٌ واحدةٌ؛ لأَنَّ اللهَ جل وعلا يقول: ﴿فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ
وَأَيۡدِيَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ﴾ [المائدة: 6]، فأَمْرُ الغسلِ مُطلَقٌ، فالواجبُ غسلةٌ
واحدةٌ، أَمَّا الثَّانيةُ والثَّالثةُ فهُما سُنَّةٌ، ولذا قالوا: الأُوْلَى
فريضةٌ، والثَّانيةُ فضيلةٌ، والثَّالثةُ سُنَّةٌ، والرَّابعةُ بِدْعةٌ.
وَأَمَّا مَسْحُ
الرَّأْسِ والأَذُنَيْنِ فإِنَّه يكون مرَّةً واحدةً.
***
([1])أخرجه: مسلم رقم (236).
الصفحة 2 / 380