وهم إنما يريدون به الوساطة والوسيلة بزعمهم،
وإلا فهم يعلمون أن هذه المعبودات لا ترزق، ولا تحيي ولا تميت، وهذا الشيء نفسه
يحصل عند القبوريِّينَ اليوم، إذا قيل لهم: إن دُعاءكم الأموات والاستغاثة بهم
شرك؛ لأنهم لا ينفعون ولا يضرون، يقولون: نعم نعلم أن هؤلاء لا ينفعون ولا يضرون،
ولا يخلقون ولا يرزقون، وأن الأمر كله لله، وإنما نريد منهم الشفاعةَ فقط،
فيعبدونهم من دون الله ليشفعوا لهم عند الله عز وجل بزعمهم! وهذا باطل، فهم
يعترفون بتوحيد الرُّبوبية ويشركون في توحيد الألوهية، من باب التوسُّل، ومن باب
طلب الشفاعة، وكل هذه أمور لم يشرعها الله سبحانه وتعالى.
قال: «وأصل الضلال في
الأرض إنما نشأ من هذين» أي: أن أصل الشرك أمران:
الأول: أن يُعبد غيرُ الله
بما شرعه الله من الذَّبح والنَّذر والدُّعاء، وغير ذلك من أنواع العبادة التي
تُصرف لغير الله عز وجل، ويريدون من وراء ذلك أنَّ هؤلاء المعبودين يشفعون لهم عند
الله عز وجل وهذا شرك الأوَّلين.
والثاني: الابتداع وهو أنهم يعبدون الله بما لم يشرعه لهم عز وجل من أنواع البدع، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([1])، وفي رواية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2]).
الصفحة 2 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد