×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وأمّا قول عمر رضي الله عنه: «نعمت البدعة هذه» فأكثر المحتجين بهذا لو أردنا أن نُثبت حكمًا بقول عمر الذي لم يخالف فيه لقالوا: قول الصاحب ليس بحجة. فكيف يكون حجـة لهم في خـلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن اعتقد أنَّ قول الصاحب حُجّة فلا يعتقده إذا خالف الحديثَ.

فعلى التقديرين لا تصلح معارضة الحديث بقول الصاحب.

نعم يجوز تخصيص عموم الحديث بقول الصاحب الذي لم يُـخَالف على إحدى الروايتين، فيفيدهم هذا حُسن تلك البدعة، أما غيرها فلا.

ثم نقول: أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعة مع حسنها، وهذه تسمية لغوية لا تسمية شرعيّة.

وذلك أنَّ البدعة في اللغة تعمُّ كلَّ ما فُعِل ابتداءً من غير مثال سابق، وأما البدعة الشرعيّة: فما لـم يدل عليه دليل شرعي.

****

قوله: «وأما قول عمر..» الذين احتجوا بقول عمر رضي الله عنه لـمّـا جمع الصحابة على إمام واحد وقال: نعمت البدعة هذه، قالوا: إنَّ في هذا دليلاً على وجود البدعة الحسنة، لقوله: نعمت البدعة هذه؛ لأن هذا مدح، فدلَّ على أنَّ هناك بدعة حسنة.

نقول لهم: إذا رجعنا إلى أصل الحديث وجدنا أنَّ عمر لم يُـحْدِثْ شيئًا من عنده، وإنما أحيا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي فعلها بأصحابه ثم تخلف عنهم في الأخير، خشية أن تفرض عليهم، فهو تخلف لغرض،


الشرح