وقد رويَ حديثٌ صحَّحـه ابن عبـد البر أنه قال: «مَا
مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا،
فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ؛ إلاَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ؛ حَتَّى يَرُدَّ عليه
السلام» ([1]).
وروي في تلقين الميت بعد الدفن حديث فيه نظر، لكن عمل
به رجال من أهل الشام الأولين، مع روايتهم له، فلذلك استحبه أكثر أصحابنا وغيرهم.
****
هذا فيه الترغيب في
السلام على الأموات جماعة أو فرادى، وفيه زيادة: أنَّ الله يرد روح الميت المسلَّم
عليه حتى يردّ السلام، وهذا من أمور البرزخ التي لا يعلمها إلا الله، وهي حياة
برزخية ليست كحياة الدنيا، والله على كل شيء قدير، فروح الميت تتصل به أحيانًا،
كما ذكر ابن القيم أنَّ الروح لها اتصالات بالإنسان، لها اتصال به وهو في بطن أمه،
ولها اتصال به في حياته على وجه الأرض، ولها اتصال به في قبره، ومن ذلك ما ذكره
النبي صلى الله عليه وسلم هنا، ولها اتصال به أيضًا بعد بعثه، وهو اتصال دائم، لا
تفارقه روحه أبدًا في الآخرة.
الكلام هنا عن تلقين الميت في قبره، أما تلقينه وقت الاحتضار فهذا ثابت في الصحيح أنه يلقن: لا إله إلاّ الله، ويسمع هذه الكلمة من أجل أن يقولها، فيختم الله بها حياته، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» ([2])، وَقَالَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ
([1])انظر: الاستذكار لابن عبد البر(1/185).
الصفحة 1 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد