ولهذا كان الأصلُ الذي بنى الإمامُ أحمد وغيره من
الأئمَّة عليه مذاهبهم: أنَّ أعمال الـخَلْق تنقسم إلى عبادات يتخذونها دينًا
ينتفعون بها في الآخرة، أو في الدنيا والآخرة. وإلى عادات ينتفعون بها في معايشهم.
فالأصل في العبادات أن لا يُشرع منها إلاّ ما شرعه
الله.
والأصل
في العادات أن لا يُـحظر منها إلاّ ما حَظَره الله فيها من الدِّين الذي يتقرَّب
به المتقرِّبون، كما سنذكره إن شاء الله.
****
وقال عليه الصلاة والسلام: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ
الأُْمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1]) وفي رواية النسائي:
«وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ» ([2]). فهم إما أن
يعبـدوا غير الله بما شرعه الله لنفسه خاصة فيجعلونه لغيره، وإمـا أن يبتدعوا من
عندهم ما يتقربون به إلى الله عز وجل والله لم يشرعه، والله لا يقبل إلاّ ما شرع،
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ
أَمْرُنَا» أي: شرعنا «فَهُوَ رَدٌّ» أي: مردود عليه، لا يقبله الله
سبحانه وتعالى فهذا أصل دين المشركين وأهل الضلال، إما الشرك في العبادة وإما
البدعة فيها، فإنَّ عبادة غير الله من أشر البدع.
هذا هو الأصل العظيم الذي مشى عليه السلف الصالح كالإمام أحمد وإخوانه من الأئمة والعلماء الراسخين، فإنهم يقسمون الأعمال إلى قسمين: الأول: عبادات والثاني: عادات.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد