وما كان من الحجج صحيحًا ومن الرأي سديدًا، فذلك له
أصل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فَهِمه من فَهِمَه، وحُرِمَه من
حُرِمَه.
****
وكذلك الأمر فيما
يتعلَّق بالاستدلال، فلو أنَّ العلماء أعملوا وسائل الاستدلال الصحيحة من الكتاب
والسُنَّـة التي كان عليها سلف هذه الأمة، ولم يلجؤوا إلى علم الكلام والجدل وعلم
المنطق، لحصل العلم النافع، وحصل الفقه في دين الله عز وجل من غير حاجة إلى قواعد
المنطق وجدليّاته التي استغنى بها كثير منهم عن كتاب الله جل وعلا وعن سنة رسوله
صلى الله عليه وسلم، حتى قالوا: إن الآيات والأحاديث دلالاتها ظنيّة، وإن دلالات
علم المنطق يقينية، وسموها البراهين اليقينيّة العقلية، فقدموها على الشرع، وإذا
ما اختلفت مع الشرع فإنهم يُخضعون الشرع لها ويأوِّلون الشرع لها ومن أجلها، لزعمهم
بأن تلك الحجج يقينيّة عقليّة، وأما الشرع عندهم فإنّ دلائله ظنية!
نعم، هكذا دخل علم
الكلام بهذه الطريقة، أي: بزعم أنَّهم يردُّون من خلاله على الملاحدة وعلى الكفار
وغيرهم من أعداء الدِّين، وأنه يراد به قوة الحجة وقوة البرهان، وعند ذلك أعرضوا
عن كتاب الله وسنة رسوله، وللرَّد على ذلك نقول كما ذكر الشيخ رحمه الله: فإنَّ
المبتدع إذا تغذى بالطعام الخبيث فإنه يزهد في الطعام الطيب.
إذا قالوا: إنَّ قواعد المنطق وعلم الكلام فيها أشياء صحيحة، نقول: هذا موجود في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلسنا بحاجة إلى أن نأخذ هذا الصحيح من علم الكلام وعلم المنطق، بل نرجع إلى كتاب الله، وما كان مخالفًا لكتاب الله فإنه باطل.
الصفحة 1 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد