فإنَّ التمييز بين جنس المعروف وجنس المنكر، أو جنس
الدليل وغير الدليل يتيسر كثيرًا، فأما مراتب المعروف والمنكر ومراتب الدليل، بحيث
يُقدَّم عند التزاحم أعرف الـمعروفَين فتدعو إليه، ويُنكر أنكر المنكرَين، ويُرجح
أقوى الدليلين، فإنه هو خاصة العلماء بهذا الدين.
****
وجودة الإخراج، فإنه
سينصرف إلى كتب الضلال؛ لأن درء أعظم المفسدتين بارتكاب أدناهما مأمور به تخفيفًا
للشر.
قوله: «فتفطن لحقيقة
الدين وانظر...» المقصود: أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينبغي النَّظر فيه
وما يشتمل عليه من المفاسد والمصالح، فإن كـانت منفعته خالصة فأقدم عليه، وإن كانت
منفعته راجحة أيضًا فأقدم عليه، وإن كانت مفسدته أرجح أو متساوية فاتركه وابتعد
عنه، فالأمر بالمعروف، إذا كان يترتب عليه زوال المنكر أو تخفيفه فأقدم عليه، أما
إذا كان سيترتب عليه منكر أعظم أو مساو له فلا تقدم عليه؛ لأنه ليس فيه فائدة
راجحة.
وهذه قاعدة مفيدة؛
فإن بعض الشباب المتحمسين ينكر المنكر فقط ولا يأمر بالمعروف، بل تجده من أكسل
الناس في الطاعات، فيصبح قدوة سيئة في تعطيل العمل الصالح وفعل الطاعات وتكون
مهمته الانتقاد فقط دون أن يتجه إلى فعل الخير وعمل الطاعات، فالذي يعمل بالطاعات
ومعه بعض الخير أحسن من الذي لا يعمل شيئًا ولا يقدم خيرًا.
عرفنا أنه لا بد عند
الإقدام على الفعل من ملاحظة ومعرفة فوائده ومفاسده والترجيح بينها، لكن من هو
الذي يقدر على الترجيح؟
الصفحة 1 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد