وأما إظهار الاعتماد على ما ليس معتمدٌ في القول
والعمل، فنوعٌ من النفاق في العلم والجدل والكلام والعمل.
وأيضًا لا يجوز حمل قوله صلى الله عليه وسلم: «كُلّ
بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» على البدعة التي نهى عنها بخُصُوصها؛ لأن هذا تعطيلٌ لفائدة
هذا الحديث.
****
أما إذا كان المقصود منها المراوغة، وترويج
الباطل على الناس، فهي مجادلة باطلة، قال تعالى: ﴿وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ
ٱلۡحَقَّۖ﴾ [الكهف: 56].
قال تعالى: ﴿وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّۖ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي
وَمَآ أُنذِرُواْ هُزُوٗا﴾ فدَلّ على أن أهل الباطل يستدلون أحيانًا بأدلة حق لا رغبة فيها، وإنما
لأجل أن يتستروا وراءها، ويُظهروا للناس أنهم يتبعون الدليل والكتاب والسُّنة وهم
كاذبون، مثل ما حصل مع علي رضي الله عنه لما قال الخوارج: ﴿إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِۖ﴾ [الأنعام: 57] قال عليٌّ
رضي الله عنه: كلمة حق يراد بها باطل.
فما كلُّ من قال
كلامَ حقٍّ يريد الحقَّ ويريد مدلوله، وإنما البعض يريـد أن يتستَّر به وأن
يتوصَّل به إلى الباطل. فليحذر من هؤلاء فإن العبرة بالمقاصد لا بالظواهر.
منهم من راوغ وقال على قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كُلّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» أنّ المراد: ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم نتركه، وأما ما سكت عنه فإننا نأخذ به - يقصدون في أمور العبادة - فما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم نتركه، وما لم يَنْهَ عنه فإنه لا يكون ضلالة، هكذا راوغوا!
الصفحة 1 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد