في الحديث الصحيح الذي رواه أهل السنن عن العرباض بن
سارية، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ
بَعدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ
الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين مِنْ بَعدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا
بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ
ضَلاَلَةٌ» ([1]).
****
جاء هذا الحديث في قصة
وعظ النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حيـث قال: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّه صلى
الله عليه وسلم مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ
مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ كأنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ
فَأَوْصِنَا. قَالَ: «أُوصيكُمْ بتَقْوَى اللَّه، وَالسَّمْع وَالطَّاعَة،
وَإنْ تَأمَّرَ عَلَيْكُم عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا
كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين
الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا
بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ - وهذا تحذير منه صلى الله عليه وسلم -
وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ
ضَلاَلَةٌ» ([2]). هذا تحذير عظيم من
إحداث البدع بعده صلى الله عليه وسلم، فإنَّ الله أكمل به الدِّين وتوفَّاه الله
على رأس إكمال الدين وانتهاء التشريع.
وقد بلَّغ النبي صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين، فقال: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي» والمراد بالسنة: الطريقة التي كـان يسير عليها صلى الله عليه وسلم في القول والعمل، «وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعدِي» يعني: سنة الخلفاء الراشدين الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فطريقتهم هي إحياء سنة الرسول وبيانها للناس، لأنه أوصى بها وجعلها من سنته، وهذا خاص بالخلفاء
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).
الصفحة 1 / 407