×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وأولئك إنما كانوا يتخذون قبورًا لا نجاسة عندها، ولأنه قد روى مسلم في ((صحيحه)) عن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ، وَلاَ تَجْلِسُوا عَلَيْهَا» ([1]).

ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: «كَانُوا إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ التَّصَاوِيرِ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([2])، فجَمع بين التماثيل والقُبور.

وأيضًا فإنَّ اللات كان سبب عبادتها تعظيم قبر رجل صالح كان هناك.

****

 

الوجه الخامس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نص على المنع من الصلاة إلى القبور، يعني: استقبال القبور، ففي قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ، وَلاَ تَجْلِسُوا عَلَيْهَا» نهيٌ عن أمرين:

الأمر الأول: الغلو في القبور، وذلك بالصلاة إليها واستقبالها؛ لأن هذا وسيلة تؤدِّي إلى الشرك وإلى التعلق بالقبور.

والثاني مما نُهيَ عنه: الجلوس عليها، لِـمَـا فيه إهانة للقبور، ودين الإسلام هو الوسط في القبور وغيرها، فقد حثَّ على أن لا تُهان وأن لا يُغالى فيها.

الوجه السادس: أنه لما ذكرت له بعض زوجاته صلى الله عليه وسلم - اللاتي هاجرن إلى الحبشة - ما رأته في أرض الحبشة، من الكنائس التي فيها التصاوير، قال صلى الله عليه وسلم: «أُولَئِكَ، إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ،


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (972).

([2])أخرجه: البخاري رقم (427)، ومسلم رقم (528).