×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

قال المروزي: سمعت أبا عبد الله يقول: ينبغي أن يسرّ دعاءه لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا [الإسراء: 110] قال: هذا في الدعاء. قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: وكان يُكره أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء.

وروى الخلاّل بإسناد صحيح عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال: أحدث الناس الصوت عند الدعاء.

****

 

 

 حكم رفع الصوت بالدعاء في التعريف وغيره:

[139] من آداب الدعاء الإسرار به، وعدم الجهر به، إلاّ إذا كان إمامًا أو خطيبًا في الاستسقاء والناس يأمّنون على دعائه فإنه يجهر ليسمع من خلفه، أما إذا كان يدعو لنفسه فإنه يُسرّ في دعائه، لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ، والمراد بالصلاة هنا: الدعاء وقراءة القرآن، إذا كان يترتب على الجهر بهما أذى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل وكان المشركون يأتون ويتسمّعون إليه ليستهزؤوا بالقرآن، فالله سبحانه وتعالى نهاه عن ذلك فقال: ﴿وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ فهذا يؤخذ منه أنَّ الإسرار بالدعاء أخلص وأحسن؛ والجهر به يجوز إذا لم يترتب عليه أذى.

وقوله: «وسمعت أبا عبد الله يقول: وكان يُكْره أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء» يعني: كان السلف الصالح والقرون المفضلة يكرهون أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء؛ لأن الله سبحانه وتعالى يسمعهم ولو لم يرفعوا أصواتهم، فهو - سبحانه - يعلم السر وأخفى، ولما رفع الناس أصواتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتلبية أو بالتكبير قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ


الشرح