×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وعامة الأمراء إنما أحدثوا أنواعًا من السياسات الجائرة من أخذ أموال لا يجوز أخذها، وعقوبات على الجرائم لا تجوز.

لأنهم فرطوا في المشروع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلاّ فلو قبضوا ما يسوغ قبضه، ووضعوه حيث يسوغ وضعه، طالبين بذلك إقامة دين الله لا رياسة أنفسهم، وأقاموا الحدود المشروعة على الشريف والوضيع، والقريب والبعيد، متحرِّين في ترغيبهم وترهيبهم للعدل الذي شرعه الله لما احتاجوا إلى المكوس الموضوعة، ولا إلى العقوبات الجائرة، ولا إلى من يحفظهم من العبيد والمستعبدين.

كما كان الخلفاء الراشدون وعمر بن عبد العزيز وغيرهم من أمراء بعض الأقاليم.

وكذلك العلماء إذا أقاموا كتاب الله وفقهوا ما فيه من البيِّنات التي هي حُجج الله، وما فيه من الهدى الذي هو العلم النافع والعمل الصالح، وأقاموا حكمة الله التي بعث بها رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي سُنَّته، لوجدوا فيها من أنواع العلوم النافعة ما يحيط بعلم عامّة الناس، ولـميَّزوا حينئذٍ بين المحق والـمُبطِلِ من جميع الخلق.

****

وكذلك العلماء لو أنهم عملوا بعلمهم ونشروه بين الناس وعلَّموهم الخير، ونهوهم عن الشر، لتزايد العلم والفقه في دين الله، ولابتعدت عنهم البدع والشرور والمنكرات، ولكن لـمّـا سكت كثير من العلماء أو بعضهم حصل هذا الخلل في الأمر.


الشرح