بوصف الشَّهادة التي جعلها الله لهذه الأُمَّة، حيث
يقول عز وجل: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ﴾ [البقرة: 143]
ولاستغنوا بذلك عمّا ابتدعه المبتدعون من الحجج الفاسدة التي يزعم الكَلاميُّون
أنهم ينصرون بها أصلَ الدِّين.
ومن الرأي الفاسد الذي يزعم القياسِيُّون أنهم
يُتِمُّون به فروعَ الدين.
****
لو أنَّ العلماء
أعملوا التفقه والتبصر في دين الله، ونزّلوا الوقائع والحوادث على كتاب الله عز
وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجدوا لها حلولاً ناجعة؛ لأن الله عز وجل ضمَّن
كتابه كل ما يحتاجه الخلق، ولكن هذا يرجع إلى أن العلماء يبذلون جهدهم في استخراج
الأحكام من الكتاب والسنة، فلو فعلوا ذلك لوجدوا لكل نازلة حلًّا، والله عز وجل
يقول: ﴿مَّا فَرَّطۡنَا فِي
ٱلۡكِتَٰبِ مِن شَيۡءٖۚ﴾ [الأنعام: 38]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا يَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ
تَفۡسِيرًا﴾ [الفرقان: 33]، فلما قصّر العلماء عن التفقه في دين الله، وعن بذل الجهود في
استنباط الأحكام الشرعية، واقتصروا على التقليد الأعمى، حصل ما حصل من الخلل حتى
وصفـت الشريعـة بأنها ناقصة، وأنها لا تصلح لكل زمان ولكل مكان، وهذا ليس لنقص في
الشريعة ولكن لنقص في مدارك الناس وعملهم.
كما أنَّ الولاة لو قاموا على تطبيق الشريعة والحكم بها على الوقائع، ووضعوا كل حكمٍ على موضعه، لاستتبَّ الأمن في المجتمع، فلما تكاسل ولاة الأمور عن تطبيق الأحكام الشرعية، حصل بذلك الخلل الكثير في الأمن وفي جميع مناحي الحياة.
الصفحة 2 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد