×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

فهذا مما يرد قول الكاذب: إذا أعيتكم الأمور؛ فعليكم بأصحاب القبور؛ لأن الدعاء عندها وسيلة من وسائل الشرك.

قوله: «فإنَّ أكثر المصلين في حال العافية لا تكاد تفتن...» أي: من المعلوم أنَّ المضطر أشد فتنة من غيره ممن هو في عافية وفي سعة، ومع هذا نُهي من هو في عافية وسعة عن الدعاء عندها، فكيف بالمضطر، لا سيّما والمضطر أشد تعلقًا بالقبور من المعافَى.

قوله: «فإذا كانت المفسدة والفتنة التي لأجلها نهي عن الصلاة عندها متحققة...» يعني: نَهْيُ المضطرين عن الدعاء عند القبور أشد من نهي أهل الرخاء وأهل العافية، مع أنه صلى الله عليه وسلم نهى الجميع، لكن نَهْي المضطرين أشد؛ لأنهم أقرب إلى الفتنة، وأقرب إلى التعلق بالقبور والشرك بالله عز وجل.

سبب فتنة القبوريين:

وما وقع هؤلاء وأمثالهم في هذه الضلالات إلاّ بسبب الجهل، وعدم الفقه في دِين الله عز وجل وبسبب التقليد الأعمى من غير بصيرة، فلو أنهم تفقهوا في دِين الله وعَقَلوا عن الله ورسوله، وفهموا النصوص على وجهها لما وقعوا في هذه الأمور، ففي هذا التحذير من الجهل والتقليد الأعمى، بل يجب على المسلم أن يتفقه في دِينه حتى يعرف هذه الأمور ويَسْلَم له دينه وإيمانه، وإذا كان لا يعلم فعليه أن يسأل أهل العلم، كما قال تعالى: ﴿فَسۡ‍َٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ [النحل: 43].


الشرح