ومن هذا الباب ليلة النصف من شعبان، فقد روي في فضلها
من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضلة، وأن من السلف من كان
يخصّها بالصلاة فيها، وصوم شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة، ومن العلماء من
السلف من أهل المدينة وغيرهم من الخلف من أنكر فضلها، وطعن في الأحاديث الواردة
فيها، كحديث: «إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ فِيهَا لأَِكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ
غَنَمِ كَلْبٍ» ([1])،
وقال: لا فرق بينها وبين غيرها، لكن الذي عليه كثير من أهل العلم أو أكثرهم من
أصحابنا وغيرهم على تفضيلها، وعليه يدل نص أحمد؛ لتعدد الأحاديث الواردة فيها، وما
يصدّق ذلك من الآثار السلفية. وقد روي بعض فضائلها في المسانيد والسنن، وإن كان قد
وُضع فيها أشياء أُخَر.
****
شهر شعبان قد ورد في فضل صيامه عدة أحاديث، لكن لا يُصام كله، وإنما يصام أكثره، فصيام شيء من شعبان والإكثار من صيامه فيه فضل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يصوم من شهر أكثر من شعبان ([2])، وأما ليلة النصف من شعبان فمن العلماء من بالغ في تعظيمها، وظن أنها هي ليلة القدر، وهي التي قال الله جل وعلا فيها: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةٖ مُّبَٰرَكَةٍۚ﴾ [الدخان: 3]، فظنَّ أنها ليلة النصف من شعبان، وهذا مبالغة وخطأ، فليست ليلة القدر هي ليلة النصف من شعبان، وإنما ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّاها
([1])أخرجه: الترمذي رقم (739)، وابن ماجه رقم (1389)، وأحمد رقم (26018).
الصفحة 1 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد