وعن
سعيد بن أبي عروبة أنَّ مجاهد بن أبي سعيد سمع قومًا يعجّون في دعائهم، فمشى إليهم
فقال: أيها القوم إن كنتم أصبتم فضلاً على من كان قبلكم لقد ضللتم، قال: فجعلوا
يتسلّلون رجلاً رجلاً حتى تركوا بغيتهم التي كانوا فيها.
****
ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ
تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ
مَعَكُمْ» ([1]).
قوله: «عن سعيد بن
المسيب...» سعيد بن المسيب هو إمام التابعين، وفقيه المدينة وأحد الفقهاء السبعة،
يقول: أحدث الناس الصوت في الدعاء، والإحداث مردود، لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»([2])فيكون هذا من البدع.
وهذا مجاهد بن أبي سعيد سمع قومًا يرفعون أصواتهم بالدعاء، ولهم ضجيج، فذهب إليهم وأنكر عليهم، وقال: لستم بأفضل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم - أي: الذين لم يكونوا يرفعون أصواتهم بالدعاء - وإذا كان هذا ناشئًا عن أنهم يرون أنهم أفضل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ضلوا ضلالاً بعيدًا؛ لأنه لا أحد أفضل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم يكونوا يرفعون أصواتهم بالدعاء؛ لأنه لا حاجة للرفع؛ لأن الله سميع قريب، ولأنَّ رفع الصوت بالدعاء قد يؤثِّر على الآخرين الذين يدعون الله ويذكرونه ويتلون القرآن، فإن كان الإنسان مع جماعة فإنه ينبغي له أن يخفض صوته ولا يشوّش على من بحضرته ومن حوله من الذين يعبدون الله عز وجل وحتى من النائمين.
الصفحة 2 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد