×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

والذي يبيّن ذلك أمور: أحدها: أنه قد تبيّن أنَّ العلة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم لأجلها عن الصلاة عندها إنما هو لئلا تُتخذ ذريعة إلى نوع من الشرك بقصدهـا وبالعكوف عليهـا، وتُعلق بها رغبة ورهبة.

ومن المعلوم أنَّ المضطر في الدعاء الذي قـد نزلت به نازلة فيدعو لاستجلاب خير كالاستسقاء، أو لدفع شر كالاستنصار، فحاله بافتتانه بالقبور، إذا رجا الإجابة عندها، أعظم من حال من يؤدي الفرض عندها في حال العافية.

فإن أكثر المصلين في حال العافية لا تكاد تفتن قلوبهم بذلك إلاّ قليلاً، أما الدّاعون المضطرون ففتنتهم بذلك عظيمة جدًّا.

فإذا كانت المفسدة والفتنة التي لأجلها نُهي عن الصّلاة عندها متحققة في حال هؤلاء، كان نهيهم عن ذلك أشد وأوكد.

وهذا واضح لمن فقه في دين الله، فتبيّن ما جـاءت به الحنيفية من الدِّين الخالص لله، وعلم كمال سُنَّة إمام المتقين في تجريد التوحيد، ونفي الشرك بكل طريق.

****

 

قوله: «والذي يبيّن ذلك أمور: أحدها: أنه قد تبيّن العلة...» إلخ، يعني: مما يدلُّ على كذب مقالة القائل: استعينوا بأصحاب القبور، أنها تخالف نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند القبور والدعاء عندها، فالمقالة تحث على الدعاء عند القبور والالتجاء إليها والنبي ينهى ويحرم ذلك، فهي مصادمة لقوله صلى الله عليه وسلم.

قوله: «ومن المعلوم أنَّ المضطر في الدعاء...» يعني: أنَّ افتتان المضطر إذا دعا عند القبور أعظم من افتتان من دعا عندها في حال العافية،


الشرح