×
شرح أصول الإيمان

مَا جَاء في أنَّ لِلَّه تعالى يدًا

****

وعن أَبَى مُوسَى الأَشْعَرِيّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغرِبِهَا» ([1]).

****

 ﴿وَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ [الأحزاب: 5]، ولِمَا نَزَلَت هذه الآيَةُ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ [البقرة: 286] قال الله جل وعلا: «قَدْ فَعَلْتُ» ([2]).

فهذه الأَحَادِيث فِيهَا مَعْرِفَة الله جل وعلا، وقد اخْتَارَهَا الشَّيخ عن فقهٍ وعن معرفةٍ تامَّةٍ، لِكَوْنِهَا تُعرِّف بِاللَّه عز وجل، وتُبيِّن أَسْمَاءَه وَصِفَاتَه المَذْكُورَةَ في ثَنَايَا هذه الأَحَادِيث الثَّابِتَةِ.

هذا الحَدِيث فيه إثْبَات صِفة اليَد لِلَّه سبحانه وتعالى، وَهي يدٌ ليست كَأَيْدِي المَخْلُوقِين، إنَّما هي يَدٌ تَلِيق بِجَلاَل الله سبحانه وتعالى دون تَشْبِيهٍ، ولا تَمْثِيلٍ ولا تَعْطِيلٍ، وأنَّه يبسُطها تكرُّمًا منه سُبْحَانَه وفضلاً.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ» هذا فيه إثْبَات أنَّ الله يَتُوب على عِبَادِه ليلاً ونهارًا متى ما تَابُوا، وَأَنَّ التَّوْبَة ليس لَهَا وَقْتٌ مُحدَّدٌ، ففي أيِّ ساعةٍ من ليلٍ أو نَهَارٍ فإنَّه سبحانه وتعالى يَقْبَل التَّوْبَة من عِبَادَة، فهو جلَّ شَأْنُه ليس على أَبْوَابِه حُجَّاب، وليس لِفَضْلِه حدٌّ، وليس لِلتَّوْبَة إلَيْه وَقْتٌ مُحدَّدٌ؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ»فَهَذَا شَأْنُه سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2759).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (126).