×
شرح أصول الإيمان

حُرمة التَّألِّي على الله تعالى

****

وَلِمُسْلِم عن جُنْدُبٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «قَالَ رَجُلٌ: وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لِفُلانٍ، فَقَالَ اللهُ عز وجل: مَنْ ذَا الَّذِي يَتأَلَّى عَلَيَّ أَلاَّ أَغْفِرَ لِفُلاَنٍ؟! إنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ!» ([1]).

****

فَهُو صلى الله عليه وسلم يَطَّلِع على أَشْيَاء قد أَطْلَعَه الله عز وجل عَلَيْهَا، وهذا مُعْجِزَةٌ له صلى الله عليه وسلم، وَالبَشَر لا يُطِيقُون سَمَاع وَمُشَاهَدَة ما أَطْلَع الله نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم عَلَيْه، وَحَجَبَهَا عَنَّا رَحْمَةً من الله بِنَا، وَلَكِنَّ هذه الأَشْيَاءَ تَنْكَشِف لَنَا عند المَوْت، قال تعالى: ﴿لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ [ق:22]؛ فَالمَيِّت يُعَايِن عند المَوْت، يُعَايِن المَلاَئِكَة وَمَنْزِلَتَه عند الله إن كان من أَهْل الخَيْر، وَإِن كان من أَهْل الشَّرِّ، فإنَّه يُعَايِن ما سَيَئُول إلَيْه مَصِيرُه من الشَّقَاء وَالعَذَابِ، وإذا وُضِع في قَبْرِه، فإنَّه يُعَايِن هذه الأُمُورَ وَغَيْرَهَا مِمَّا لا يَعْلَمُه إلاَّ الله، أمَّا وإنه ما دَام على قَيْد الحَيَاة فَإِن الله حَجَب هذه الأُمُورَ عَنْه رَحْمَةً به، وَإِلاَّ فلو دَرَى بها وَعَايَنَهَا لمَا عَاش ولا تَلَذَّذ بِأَكْلٍ ولا شُرْبٍ ولا بِأَيّ شَيْءٍ من مَلَذَّات الحَيَاة الدُّنْيَا.

في هذا الحَدِيث بَيَان مَدَى سَعَة مَغْفِرَة الله عز وجل، وأنَّه يَنْبَغِي أَلاَ يَقْنَط أَحَدٌ من رَحْمَة الله، ولا أن يُقَنِّطَ أحدٌ أحدًا من رَحْمَة الله وَعَفْوِه، وإنَّما يَنْبَغِي الحَثُّ على التَّوْبَة وَالاِسْتِغْفَارِ، وَيَدْخُل في ذلك الكَافِر؛ حيث يَنْبَغِي حَثُّه على التَّوْبَة وعلى الدُّخُول في الإِسلام وَتَرْغِيبِه في


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2621).