×
شرح أصول الإيمان

التَّرْغِيب في الجَمْع بين الخَوْف والرَّجاء

****

وَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ» ([1]).

****

فَفِيه خَطَر اللِّسَان، فعلى الإِنْسَان أن يَحْفَظ لِسَانَه من الكَلاَم السَّيِّئِ؛ لأَنَّه رُبَّمَا يقول كَلِمَةً تُحْبِط عَمَلَه، فلا يَتَسَاهَل الإِنْسَان بِالكَلاَم؛ وفي الحَدِيث: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» ([2]). وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» ([3]).

إنَّ الله جل وعلا وَاسِعُ المَغْفِرَة وهو شَدِيد العِقَاب، فلو عَلِم المُؤْمِن ما عند الله من العَذَاب لمَا طَمِع في رَحْمَة الله أَحَدٌ، ولو عَلِم الكَافِر ما عند الله من العَفْو وَالمَغْفِرَةِ لمَا قَنِط من رَحْمَتِه أَحَدٌ.

فَهَذَا فيه دَلِيلٌ على سعَة رَحْمَة الله تبارك وتعالى وعلى شِدَّة غَضَبِه، وَأَنَّ سعَة الرَّحْمَة لا تَحْمِل المُؤْمِن على الأَمْن من مَكْر الله وَالتَّسَاهُل في عَمَل المَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ، وَأَنَّ الخَوْف من عَذَاب الله لا يَحْمِل العَبْد على القُنُوط من رَحْمَة الله فَيَتْرُك التَّوْبَة وَالاِسْتِغْفَارَ؛ ظنًّا منه أنَّه لَن يَغْفِر له، أو أنْ يَدْفَع هذا الأَمْرَ أحدًا لتقنيط الآخَرِين من رَحْمَتِه سبحانه وتعالى، فمثل هذا لا يَنْبَغِي لأَِحَدٍ، لأَنَّه جل وعلا فَتَح بَابَه لِلتَّائِبَيْن.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2755).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2616)، وابن ماجه رقم (3973)، وأحمد رقم (22016).

([3])أخرجه: البخاري رقم (5672)، ومسلم رقم (47).