إثْبَات صِفَة الفَرَح لِلَّه تعالى
****
وعن
أَنَسٍ بْنِ مَالِكِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
«لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِيْنَ يَتُوبُ إلَيْهِ مِنْ
أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ
وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ
فِي ظِلِّهَا وَقَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ
هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَه فَأَخَذَ بِخُطَامِهَا فَقَالَ مِنْ شِدَّةِ
الْفَرْحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ؛ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ
الْفَرَحِ» ([1]).
****
هذا الحَدِيثُ
فيه إثْبَات صِفَةِ الفَرَح لِلَّه عز وجل، وأنَّه يَفْرَح بِتَوْبَة عَبْدِه،
وفيه إثْبَات التَّوْبَة، وأنَّه عز وجل يَتُوب على عَبْدِه إذا ما أَقْبَل إلَيْه
بِإِخْلاَص.
وَالتَّوْبَة مَعْنَاهَا:
الرُّجوع، فالله جل وعلا يَعُود على عَبْدِه بالرِّضا بَدَل الغَضَب،
وَبِالمَغْفِرَة بَدَل العَذَاب. ومن أَسْمَائِه سبحانه وتعالى التَّوَّابُ، فقال: ﴿وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ﴾
[البقرة: 160]؛ أي: كَثِير التَّوْبَة على عِبَادِه؛ ففيه إثْبَات التَّوْبَة
لِلَّه، وأنَّه يَتُوب على عِبَادِه وَيَرْجِع عَلَيْهِم بِالخَيْر.
وفي الحَدِيث: إثْبَات الفَرَح لِلَّه عز وجل، وأنَّ الله يَفْرَح بِتَوْبَة عَبْدَه، وفيه حثُّ العِبَاد على التَّوْبَة وَعَدَم القُنُوط من رَحْمَة الله، وأنَّه سُبْحَانَه يَفْرَح بهذا، وهذا من كَرَمِه سُبْحَانَه، وهو ليس مُحتاجًا إلَيْنَا، فإذا تُبْنا لم يَزِد في مِلْكِه شيئًا، وإذا لم نَتُبْ لم نُنْقِص من مُلْكِه شيئًا، وَلَكِنَّ الله يَفْرَح بذلك تكرُّمًا ولُطْفًا منه سبحانه وتعالى بِعِبَادِه؛ لأَنَّه يُرِيد لهم الخَيْر وَالنَّجَاةَ وَالفَوْزَ،
الصفحة 1 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد