×
شرح أصول الإيمان

إثْبَات صِفَة العَجَب لِلَّه تعالى

****

وَعَنْهُ مرفوعًا: «عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلاَسِلِ» ([1]).

****

 أن يَيْأَس من رَحْمَتِه عز وجل بل عَلَيْه المُبَادَرَة إلى التَّوْبَة، قال تَعَالَى: ﴿۞قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ [الزُّمَر: 53].

وَحَدِيث البَغِيِّ يَدُلُّ على أنَّ المُسْلِم لا يَقْنَط من رَحْمَة الله مَهْمَا بَلَغَت ذُنُوبُه، فإذا تَاب إلى الله تَاب الله عَلَيْه.

وَمَسْأَلَة الخَوْف وَالرَّجَاء هي من أُصُول الإِيمَان، وَالخَوْف وَالرَّجَاء من أَعْظَم أَنْوَاع العِبَادَة؛ قال تَعَالَى: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ [الأنبياء: 90] فَقَوْلُه عز وجل: ﴿رَغَبٗا يَعْنِي: رَجَاءً، و ﴿وَرَهَبٗاۖيَعْنِي: خوفًا، فَيَجْمَعُون بين الخَوْف وَالرَّجَاء، فلا يَخَافُون فَقَط، ولا يَرْجُون فَقَط، وإنَّما يَجْمَعُون بَيْنَهُمَا، فَمِن خِلاَل هَذَيْن الحَدِيثَيْن يَتَبَيَّن لَنَا هَذَا، وَالشَّيخ لمَّا ذَكَر الحَدِيث الأَوَّلَ خَاف على سَامِعِه أنْ يَتَّكِل على ما فيه من سَعَة الرَّحْمَة وعِظَمِ الرَّجَاء، فَضَمَّ إلَيْه حَدِيث الهِرَّة الذي فيه التَّخْوِيف ضِدَّ ذلك لِيَجْتَمِع الخَوْف وَالرَّجَاءُ.

قوله صلى الله عليه وسلم: «عَجِبَ رَبُّنَا»: هذا فيه إثْبَات صِفَة العَجَب لِلَّه عز وجل، أَي: أنَّ الله تبارك وتعالى يَعْجَب، وهي صِفَة من صِفَاتِه سبحانه وتعالى كما يَلِيق بِجَلاَلِه، وهذا العَجَب ليس كَعَجِب المَخْلُوق، وإنَّما هو عَجَبٌ خَاصٌّ بِاَللَّه سبحانه وتعالى كَسَائِر صِفَاتِه.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2848).