سُنَّة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم هي السُّنة
السَّمْحَةُ
****
ولَهُمَا
عن أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: جَاء ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
فَلَمَّا أُخْبِرُوا بِهَا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: أَيْنَ نَحْنُ
مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ! قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأُصَلِّي اللَّيلَ
أَبَدًا. وَقَالَ الآخَرُ: أَنَا أَصُومُ النَّهَارَ وَلاَ أُفْطِرُ. وَقَالَ
الآخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا
وَكَذَا! أَمَا وَاللهِ إِنَّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ،
لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ،
فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ([1]).
****
فالذي يُرِيد
الْجَنَّة عليه بِطَاعَة الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وقد بيَّن صلى الله عليه
وسلم كَيْف أنَّ الإِْنْسَان يَأْبَى دُخُول الجنَّة، وذلك بِعِصْيَانِه
وَمُخَالَفَة أَمْرِه صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا دَلِيلٌ على أنَّ طَاعَة الرَّسُول صلى الله
عليه وسلم هي السَّبَب لِدُخُول الْجَنَّة، وأنَّ مَعْصِيَتَه هي السَّبَب
لِلْحِرْمَان من الْجَنَّة وَالدُّخُولِ في النَّار؛ لأنَّ طَاعَتَه صلى الله عليه
وسلم إنَّما هي طَاعَةٌ لِلَّه جل وعلا، وهو صلى الله عليه وسلم لا يَأْمُر إلاَّ
بما أَمَر الله به، فمَنْ فَعَل ما أَمَره به الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم
فَإِنَّمَا أَطَاع الله جل وعلا، وهذا كقوله تعالى: ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ﴾ [النساء: 80].
في هذا الْحَدِيثِ بَيَان أنَّ سُنَّة الرَّسول صلى الله عليه وسلم هي السُنَّة السَّمحةُ والسَّهْلةُ التي ليس فيها تشدُّدٌ ولا غُلوٌّ ولا تطرُّفٌ، كما أنَّه ليس فيها تساهُلٌ، فهي سُنَّة مُعْتَدِلَةٌ، بعيدةٌ عن الإِْفْرَاط وَالتَّفْرِيطِ.
الصفحة 1 / 339