×
شرح أصول الإيمان

مَا هو أَوَّلُ هذا الأَمْر

****

وفي «الصَّحِيحَيْن» عن عِمْرَانَ بن حُصَين رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ» قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا؟ قَالَ: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ» قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا، فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَْمْرِ؟ قَالَ: «كَانَ اللهُ [تَبَارَكَ وَتَعَالَى] قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي اللَّوْحِ ذِكْرَ كُلِّ شَيْءٍ» قَالَ: وَأَتَانِي آتٍ فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ، انْحَلَّتْ نَاقَتُكَ مِنْ عِقَالِهَا، قَالَ: فَخَرَجْتُ فِي أَثَرِهَا، فَلاَ أَدْرِي مَا كَانَ بَعْدِي ([1]).

****

الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم عَرَض الْبُشْرَى على بَنِي تَمِيم، وَلَكَنَّهُم اسْتَعْجَلُوا ذلك وقالوا: أَعْطِنَا، دون أن يَسْتَفْسِرُوا وَيَعْرِفُوا حَقِيقَةَ هذه الْبُشْرَى، وإنَّما كان هَمَّهُم نَصِيبَهُم من عَرَض الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فقالوا: بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، قال تعالى: ﴿وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ عَجُولٗا [الإسراء: 11]، فَأَعْرَض عَنْهُم الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وقال لأَِهْلِ الْيَمَن: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ» قال ذلك بعدما لم يَقْبَلُهَا بَنُو تَمِيم، فقالوا: قد قَبْلِنَا فَأَخْبَرَنَا عن هذا أَوَّل الأَمْر.

ذَلِك أنَّ بَنِي تَمِيم لم يَقْبَلُوا وَلَكَنَّهُم قالوا: فَأَعْطِنَا؛ ظنًّا منهم أن الْبُشْرَى أَمْرٌ دُنْيَوِيّ، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يَكُن هذا قَصْده، ولذلك كان أَهْلُ الْيَمَن أَحْسَنَ أدبًا من بَنِي تَمِيم؛ فقالوا: قد قَبْلِنَا يا رَسُول الله؛ فَأَخْبِرنَا عن أَوَّلِ هذا الأَمْر، يعني: عن أَوَّلِ هذا الْخَلْق، فقد طلبوا من الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أن يُبَيِّنَ لهم بِدَايَةَ هذا الْخَلْق، وَالْخَلْق -لا شَكّ- أنَّه


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3019).