×
شرح أصول الإيمان

ذكر ما يُمْكِن أن يَهْدِم الإسلام

****

وَعَنْ زِيَادَ بْنِ حُدَيْرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ رضي الله عنه: «هَلْ تَعْرِفُ مَا يَهْدِمُ الإِْسْلاَمَ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: يَهْدِمُهُ زَلَّةُ الْعَالِمِ، وَجِدَالُ الْمُنَافِقِ بِالْكِتَابِ، وَحُكْمُ الأَْئِمَّةِ الْمُضِلِّيْنَ». رَوَاهُ الدَّارَمِيُّ أيضًا ([1]).

****

 هذا الأَْثَر عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب رضي الله عنه، أَمِيرِ الْمُؤْمِنِين، وقد بيَّن ما يُمْكِن أن يَهْدِم الدِّين، وَيُسِيء إلى الإسلام وَأَهْلِه.

فَقَوْلُه: «زَلَّةُ العَالِمِ» لأنَّ العالِمَ إذا أَخْطَأ وَأَفْتَى بِفَتْوًى خَاطِئَةً، اتَّخذها النَّاسُ على أنَّها فتوًى من عَالِمٍ، وهذا مما يُوجب على الْعَالِم الْحَذَر من الإِْقْدَام على الْفَتْوَى إلاَّ إذا تثبَّت من دَلِيلِهَا من كِتَاب الله تعالى وسُنَّةِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم، فلا يتسرَّع في الْفَتْوَى فيُفتي وَيَأْخُذَهَا النَّاس على أنَّها صَوَابٌ لأَنَّهَا من عالِم، بِخِلاَف فَتْوَى العوامِّ الذين لا عِبْرَة بما يَصْدُر منهم؛ لأنَّ النَّاس يَعْرِفُون أنَّه لا يَصْلُح لِلْفَتْوَى، ولكنَّ الْمُشْكِلَة أن يَصْدُر الْخَطَأ من الْفَتْوَى من العالمِ الْمَعْرُوف بِالْعِلْم! وهذا مما يُؤكِّد ويُوجب على الْعُلَمَاء أنْ يتأكَّدوا ويتحرَّوْا ويُثبِّتوا في الْفَتْوَى؛ لِئَلاَّ يخْطئُوا فَتَصِيرَ فَتْوَاهُم حُجَّةً لِلنَّاس والعوامّ فَيَأْخُذُون بها وهي خَطَأٌ.

وقَوْلُه: «وَجِدَالُ المُنَافِقِ بِالْكِتَابِ» الْمُنَافِق: هو الذي يُظهر الإسلام ويُبطن الكُفر، وَيَحْفَظ الْقُرْآن وَيَقْرَأ الْكُتُب، ويتعلَّم حتَّى يكون عَلِيم اللِّسَان لا عَلِيم الْقَلْب، فَتَرَاه يُجادل بِالْكِتَاب والسُّنَّة لأَنَّه يَحْفَظ النُّصوص ويُغرِّر بِالنَّاس، كما يَفْعَل بَعْض الْكُتَّاب في وَقْتِنَا الْحَاضِرِ الذين يَلْتَمِسُون بَعْض


الشرح

([1])  أخرجه: الدارمي رقم (214).