مَا جَاء في إثْبَات صِفة الرَّحمة لِلَّه تعالى
****
ولهما
من حديث عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قُدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم بِسَبْيِ هَوَازِنَ، فَإِذَا امْرَأةٌ مِنَ السَّبْيِ تَسْعَى، إِذْ وَجَدَتْ
صَبِيًّا فِي السَّبْيِ فَأَخَذَتْهُ فَأَلزَقَتْهُ بِبَطْنِهَا فَأَرْضَعَتْهُ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً
وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قُلْنَا: لاَ وَاللهِ ! فَقَالَ: «لَلَهُ أَرْحَمُ
بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» ([1]).
****
وفي الحَدِيث كَذَلِك الحثُّ على التَّوْبَة
وَالمُبَادَرَةِ إِلَيْهَا، وأنَّه على الإِنْسَان أَلاَ
يُؤخِّرها.
وَفِيه وَصْفُ الله بأنَّ له يدًا،
وأنَّها مَبْسُوطَةٌ غيرُ مَقْبُوضَةٍ، وأنَّه يَتُوب على عِبَادِه سبحانه وتعالى
دائمًا وأبدًا، في اللَّيْل والنَّهار، وأنَّ التَّوْبَة إلَيْه سبحانه وتعالى لا
تَخْتَصُّ بِوَقْت مُعَيَّنٍ أو مَكَانٍ مُعَيَّنٍ كما هو شَأْن بَعْض المِلَل
الأُخْرَى.
وَلَهَذَا جَاء في الحَدِيث القُدْسِيِّ قولُه: «يَا عِبَادِي إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ
بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيْعًا،
فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ!» ([2]).
هذا الحَدِيث فيه إثْبَات صِفة الرَّحمة لِلَّه عز وجل،
وأنَّ رَحْمَتَه أشدُّ من رَحْمَة الوَالِدَة بِوَلَدِهَا؛ إذ ليس هناك من الخَلق
أَرْحَمُ من الوَالِدَة بِوَلَدِهَا، والله جل وعلا أَرْحَم بِعِبَادِه من
الوَالِدَة بِوَلَدِهَا، فَرَحْمَتُه -سُبْحَانَه- عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ.
وقولُه: «بِسَبْي هَوَازِن» هَوَازِن: هي قَبِيلَة مَعْرُوفَةٌ، وَتُسَمَّى الآن عُتَيْبَة، وَقِصَّتُهُم: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا فَتَح مَكَّة عام ثَمَانٍ من الهِجْرَة
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5653)، ومسلم رقم (2754).
الصفحة 1 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد