باب التَّحريض على طَلَب الْعِلْم وَكَيْفِيَّة
الطَّلب
فيه
حَدِيث «الصَّحِيحَيْن» في فِتْنَة الْقَبْر: أنَّ المُنعَّم يقول: «جَاءَنَا
بِالبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فآمَنَّا وَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا» وَأَنَّ
المُعذَّبَ يقول: «سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فقُلْتُهُ» ([1]).
****
هذا الْحَدِيثُ فيه ذَمُّ التَّقْلِيد الأَْعْمَى، وذلك
أنَّ المُعذَّب هو المُقلِّد الذي يقول: «سمعتُ
الناسَ يَقُولُون شيئًا فقلتُه» لأَنَّه لا يُؤْمِن به ولم يتعلَّم كتابَ الله
وسُنَّةَ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم ولا حَاوَل أن يتعلَّم أمورَ دِينِه؛
لأَنَّه لا يَهْتَمُّ به وإنَّما أَخَذ الدِّينَ بِالتَّقْلِيد فَقَط، وهذا مما
يَنْبَغِي أَلاَّ يَكُون، لأنَّ الْوَاجِب على الْمُسْلِم أن يتعلَّم أُمُور
دِينِه، وَالْعَقِيدَة لا يَجُوز فيها التَّقْلِيد مطلقًا، فلا بُدَّ لِلإِْنْسَان
من أن يتعلَّم عَقِيدَتَه، إمَّا مُجملةً، وإمَّا مُفصَّلةً حَسَب الاِسْتِطَاعَة
ولا يُقلِّد أحدًا فِيهَا.
وهذا هو الذي يقول فيه المُعذَّب: سَمِعْت النَّاس يَقُولُون شيئًا فقلتُه؛ بَعْدَهَا يُجيب بـ: لا أَدْرِي إذا ما سُئِل عن رَبِّه وَدِينِه وَنَبِيِّه؛ فَالتَّقْلِيد في الْعَقِيدَة لا يَجُوز، ولا بُدَّ من تعلُّمها، وَأَقَلَّ الأَْحْوَال في ذلك أن يتعلَّم الْمُخْتَصَرَات في الْعَقِيدَة الْمُشْتَمِلَةِ على أَنْوَاع التَّوْحِيد وَأَنْوَاع الشِّرْك وما يتعلَّق بِهِمَا حتَّى يَعْبُد الله على بَصِيرَةٍ، ويتعلَّمَ معنى شَهَادَة أَنْ لا إلَه إلاَّ اللهُ وأنَّ محمدًا رَسُولُ الله، وَيَعْرِفَ من هو الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم، فَيَعْرِف اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وموطنَه ومتى بُعث عليه الصلاة والسلام، وَيَعْرِفَ سِيرَتِهِ، وأيْنَ بُعث، وأيْنَ هَاجَرَ، فلا بُدَّ من معرفة ذلك، وَيَنْبَغِيَ كَذَلِكَ معرفة الدِّين، وَأَرْكَانُ الإِسْلاَم الْخَمْسَةِ، وَمَعْرِفَةُ ما هو الإِسْلاَم وَتَعْرِيفُهُ وَحَقِيقَتُهُ وَمَعْرِفَةُ الأَْرْكَانِ السِّتَّةِ للإيمان.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد