×
شرح أصول الإيمان

خَشْيَةُ الْمَلاَئِكَةِ من عِصْيَانِ اللهِ تعالى

****

وعن أَبِي عِمْرَان الْجَوْنِيّ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه الصلاة والسلام، أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا يُبْكِيكَ؟» وَاللهِ مَا جَفَّتْ لِي عَيْنٌ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ تَعَالَى النَّارَ ; مَخَافَةَ أَنْ أَعْصِيَهُ فَيَقْذِفَنِي فِيهَا ([1])..

****

 -أو قَال: خَرُّوا- لِلَّهِ سُجَّدًا فَيَكُونُ أولَ من يَرْفَعُ رَأْسَه جَبرائيلُ عليه السلام، فَيُكَلِّمُه اللهُ من وَحْيه بِمَا أَرَاد» ([2]). فهذا دَلِيلٌ على فَضْلِ جِبْرِيل عليه السلام على غَيْرِه من الْمَلاَئِكَة.

وهذا الْحَدِيثُ فيه -كما سَبَق- أن الْمَلاَئِكَةَ مع كَثْرَةِ عِبَادَتِهِم أَنَّهُم لا يَغْتَرُّون بِأَعْمَالِهِم، وَيَخَافُون أن يَعْصُوا الله عز وجل فَيَقْذِفُهُم في النَّار كما حَصَلَ لِإِبْلِيس، فإنَّه كان مع الْمَلاَئِكَةِ يَعْبُد اللَّه، فَلَمَّا عَصَى اللَّه لَعَنَه اللهُ عز وجل وَأَبْعَدَه، وَجِبْرَائِيل لمَّا رَأَى النَّارَ وَشِدَّةَ عَذَابِها، وأنها دَارُ الْعِقَابِ خَشِيَ أن يَعْصِي اللهَ فَيَقَع فِيهَا.

وفي هذا دَلِيلٌ على أنَّه لا يَنْبَغِي لِلإِْنْسَانِ أن يُزكِّي نَفْسَه، وأنَّه يَنْبَغِي له أن يَخَافَ من النَّار، وَيَخَافَ اللهَ وَمَكْرَه عز وجل َ بِمَن عَصَاه.


الشرح

([1])  أخرجه: ابن خزيمة في كتاب « التوحيد » (1/348)، والطبراني في « مسند الشاميين » رقم (591).

([2])  أخرجه: البيهقي في «الشعب» رقم (915).