×
شرح أصول الإيمان

الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْر من الْمُؤْمِن الضَّعِيف

****

وعن أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كذا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ «لَوْ» تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» ([1]).

****

 في هذا الْحَدِيثِ الصَّحِيح: أنَّه لا تَنَافي بين فعلِ الأَْسْبَابِ وَالإِْيمَانِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَر.

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ» أَي: القويّ في إيمَانِه وَعَزِيمَتِه وَرَأْيِه وفي بَدَنِه، فإذا اجْتَمَع له قُوَّةُ الإِْيمَانِ وَالْقُوَّةِ الْبَدَنِيَّةِ فهو خيرٌ من الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ في رَأْيِه وَإِيمَانِه؛ لأنَّ الْمُؤْمِنَ الْقَوِيَّ يَنْفَعُ نفسَه وَيَنْفَعُ غيرَه، وأمَّا الْمُؤْمِنُ الضَّعِيفُ فهذا يَقْتَصِرُ نَفْعُه على نَفْسِه فَقَط ولا يَنْفَع غَيْرَه.

وَقَوْله: «وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ» أَي: الْمُؤْمِن القويّ وَالْمُؤْمِن الضَّعِيف، كلٌّ منهمَا خَيْر، لَكِنَّ الْخَيْرَ الذي في الْمُؤْمِنِ الْقَوِيِّ أَكْثَرُ منه في الضَّعِيف، فهذا فيه مَدْحٌ لِلْمُؤْمِنِ الْقَوِيّ؛ لِمَا يَجْعَل اللهُ فيه من الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ لِلْمُسْلِمِين، وفيه أنَّ الْمُؤْمِنَ الضَّعِيفَ فيه خَيْر فلا يُزهَد فِيْه؛ لأَنَّه مُؤْمِن، لَكِن نفعُه قاصرٌ على نَفْسِه.

وقولُه صلى الله عليه وسلم: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ» احرصْ؛ أَي: جِدَّ في طَلَبِ الْخَيْرِ ولا تَكْسَلْ، وَاحْرِص على ما يَنْفَعُك في دَيْنِك وَدُنْيَاك، وهذا فيه


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2664).