عَدَم جَوَاز الاِتِّكَال على الْقَضَاء
وَالْقَدَر وَتَرْك الْعَمَل
****
وعن
عَلَيٍّ بن أَبِي طَالِب رضي الله عنه قَال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ
وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى
كِتَابِنَا، وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ قَالَ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا
خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ
أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ
لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ»,ثُمَّ قَرَأَ ﴿فَأَمَّا
مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ
٧﴾ [اللَّيْل: 5 - 7] ([1]).
****
بِقَدْر الله
سبحانه وتعالى؛ ففي الآْيَة أَمْرَان:
الأَْوَّل: أن كلَّ
ما يَحْدُثُ في هذا الْكَوْنِ إنَّما هو خَلق الله سبحانه وتعالى.
الثَّانِي: أن كلَّ
ما يَحْدُثُ إنَّما هو بِقَدْرِ اللهِ جل وعلا.
وأمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الله بن عَمْرٍو رضي الله عنهما
وهو حَدِيثُ الْبَابِ الذي فيه: «إنَّ
اللهَ قَدر مَقَادِير الْخَلاَئِق...» إلَخ فهذا فيه إثْبَاتُ أنَّ اللهَ
قَدَّر مَقَادِيرَ الْخَلاَئِق، وَأَنَّ التَّقْدِيرَ سَابِقٌ لِخَلْقِ
السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ بِخَمْسِين أَلْف سَنَة، وكان عَرْشُه على الْمَاء، فهذا
فيه إثْبَاتُ أَسْبَقِيَّة الْقَضَاءِ وَالْقَدَر على حُدُوثِ الأَْشْيَاءِ وأنها
مُقَدَّرَةٌ قبل وُقُوعِهَا.
لمَّا ذكر الشيخُ رحمه الله الأَْدِلَّةَ على إثْبَاتِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَر بين أنَّه لا يَجُوزُ الاِعْتِمَادُ على الْقَدْرِ وَتَرْك الْعَمَل، وإنَّما يَنْبَغِي لِلْمُسْلِم أن يَعْمَل الأَْعْمَال التي تَنْفَعُه في الدُّنْيَا وَالآْخِرَة وَعَدَم الاِتِّكَال على أن كلَّ شَيْءٍ مُقَدَّرٌ سَوَاء عَمِلَ الإِْنْسَانُ أو لم يَعْمَل، فَكَمَا أن الإِْنْسَانَ لا يَتَّكِلُ في
الصفحة 1 / 339